إسرائيل في "قفص الاتهام" أمام محكمة العدل الدولية.. جنوب أفريقيا تتهم "تل أبيب" بالإبادة الجماعية فى دعوى من 84 صفحة.. أستاذ علوم سياسية أمريكى يرد على السؤال الصعب هل تتورط واشنطن مع إسرائيل فى حال إدانتها؟

الأربعاء، 10 يناير 2024 08:00 م
إسرائيل في "قفص الاتهام" أمام محكمة العدل الدولية.. جنوب أفريقيا تتهم "تل أبيب" بالإبادة الجماعية فى دعوى من 84 صفحة.. أستاذ علوم سياسية أمريكى يرد على السؤال الصعب هل تتورط واشنطن مع إسرائيل فى حال إدانتها؟ العدوان الإسرائيلى على غزة
كتبت ريهام عبد الله

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تتجه الأنظار إلى مدينة لاهاى في هولندا، حيث يقع مقر محكمة العدل الدولية، والتي تستعد غدا لبدء التحقيق مع إسرائيل، في الاتهامات الموجههة لها، بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطنيين في قطاع غزة، منذ بدء العمليات العسكرية الوحشية والتي خلفت آلاف من الضحايا مابين قتلى ومصابين.

وكانت دولة جنوب افريقيا، قد رفعت دعوى إبادة جماعية ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية بشأن حرب غزة، وحكومة جنوب افريقيا، والتي خلفت نظام الفصل العنصرى في الدولة الافريقية القابعة في جنوب القارة السمراء، بعد سنوات من الكفاح والنضال لنيل الحرية، ومواجهة نظام الفصل العنصرى، فد رفعت القضية ضد إسرائيل، متهمة إياها بانتهاك التزاماتها بموجب الاتفاقية في حربها على حماس في قطاع غزة.

وتبدأ محكمة العدل الدولية في عقد جلسات استماع حول القضية، يومى الخميس والجمعة المقبلين، 11، 12 يناير، بناءً على الدعوى التي رفعتها دولة جنوب أفريقيا فى الـ 17 نوفمبر 2023.

ماهى محكمة العدل الدولية؟
 

محكمة العدل الدولية واختصارا، (ICJ) هي واحدة من العديد من المحاكم الدولية، وهي الهيئة القضائية الأبرز والأكثر موثوقية على نطاق واسع لأنها الهيئة القضائية الوحيدة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة.

ومحكمة العدل، لها ولاية قضائية عامة بدلاً من أن تقتصر على مجالات قانونية محددة مثل المحكمة الدولية لقانون البحار أو محاكم حقوق الإنسان الإقليمية مثل المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.

ويقع مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، وقد تم إنشاؤها في يونيو 1945 بموجب ميثاق الأمم المتحدة، وتتألف محكمة العدل الدولية من 15 قاضياً يخدمون لمدة تسع سنوات.

 القضاة الحاليون في المحكمة، هم من الولايات المتحدة وروسيا والصين وسلوفاكيا والمغرب ولبنان والهند وفرنسا والصومال وجامايكا واليابان وألمانيا وأستراليا وأوغندا والبرازيل، ويتم طرح خمسة مقاعد للانتخابات كل ثلاث سنوات، مع عدم وجود حد لعدد الولايات المتتالية.

وسيشغل أربعة قضاة جدد مقاعدهم في فبراير المقبل،و أحدهم هو ديري تلادي من جنوب أفريقيا.

ويمكن تعيين قضاة خاصين من قبل الأطراف في القضايا الخلافية بين الدولتين، وفي هذه الحالة سيتم تعيين قاضيين، أحدهما من إسرائيل والأخر من جنوب أفريقيا، وبذلك يصل عدد القضاة في هذه القضية إلى 17، وقد عينت جنوب أفريقيا ديكجانج موسينيكي، النائب السابق لرئيس المحكمة العليا في البلاد. وعينت إسرائيل أهارون باراك رئيسا سابقا للمحكمة العليا في البلاد، وفقا لموقع CNN.

الفرق بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية

لابد من التمييز بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، التي يقع مقرها أيضاً في لاهاي بهولندا، إذ يمكن للمحكمة الجنائية الدولية إدانة ومعاقبة مرتكبي الانتهاكات الفردية مثل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وفي المقابل، تتعامل محكمة العدل الدولية فقط مع مسئولية الدول عن انتهاكات القانون الدولي، إذ أنها لها ولاية قضائية على محاكمة الحكومات، وليس لها دور فى مساءلة الأفراد.

ولا تعترف إسرائيل بالمحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي فإن المحكمة ليس لها اختصاص عليها، ومع ذلك، فإن إسرائيل من الدول الموقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية عام 1948، التي تمنح محكمة العدل الدولية الولاية القضائية عليها، وفقا لموقع CNN.

أبعاد الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل

قدمت جنوب افريقيا، ملف مكون من 84 صفحة، واتهمت فيه إسرائيل، بارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطنيين، وقالت إن قتل إسرائيل للفلسطينيين في غزة والتسبب في أذى نفسي وجسدي جسيم لهم وتهيئة ظروف معيشية تهدف إلى "تدميرهم جسديا"، يعد إبادة جماعية لهم، وفقا لموقع سكاى نيوز عربية.

وكشفت جنوب افريقيا في الدعوى، أن إسرائيل تتقاعس عن توفير الغذاء والماء والدواء والوقود والمساعدات الإنسانية لسكان قطاع غزة، خلال الحرب الدائرة مع حركة حماس منذ 3 أشهر، وتشير أيضا إلى حملة القصف المستمرة التي دمرت جزءا كبيرا من القطاع وأجبرت حوالي 1.9 مليون فلسطيني على النزوح، وأسفرت حتى الآن عن مقتل أكثر من 23 ألف شخص.

وجاء في نص الدعوى :"جميع هذه الأعمال تُنسب إلى إسرائيل التي فشلت في منع الإبادة الجماعية، وترتكبها في انتهاك لاتفاقية الإبادة الجماعية"، كما أشارت إلى أن إسرائيل تقاعست عن منع مسئولين فيها من التحريض على الإبادة الجماعية بحق الفلسطنيين، مما يخالف ما تنص عليه الاتفاقية.

وتطلب الدعوى من محكمة العدل الدولية فرض تدابير طوارئ لوقف الانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل.

اتفاقية الإبادة الجماعية

تستند جنوب افريقيا في دعواها على انتهاك إسرائيل لاتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، والتي اعتمدتها الجمعية العامة، قبل يوم واحد من اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 9 ديسمبر 1948، خاصة بعد الفظائع التي ارتكببتها ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، والانتهاكات البشعة بحق اليهود بشكل خاص.

وقد كان اعتماد الاتفاقية مليء بالرمزية ويؤكد من جديد على خطورة الجريمة التي يتناولها، ولكنه ذهب لأبعد من ذلك، وهو يظهر التزام المجتمع الدولي بكفالة منع الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها حينما لا يمكن منع وقوع تلك الجريمة. وتُعرِّف الاتفاقية الإبادة الجماعية بأنها جريمة معينة ترتكب "بنية تدمير جماعة وطنية أو إثنية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً"، وفقا للموقع الرسمي لمنظمة الأمم المتحدة.

وقائع مشابهة

وعلى الرغم من أن توقيع اتفاقية الإبادة الجماعية كان في أربعينيات الأمر الماضى، إلا أنه تم اللجوء لها للمرة الأولى خلال أوائل التسعينيات، بعد أكثر من أربعة عقود من اعتمادها، خلال العمليات القضائية التي أعقبت صراعات رواندا والبلقان.

وكان تطبيقها في هذه السياقات هاماً في المقام الأول لأنه يؤكد من جديد على الواجب الأصيل الذي تقوم به الدول في محاسبة الأفراد المسئولين عن جريمة الإبادة الجماعية، وكذلك عن الجرائم الأخرى المرتكبة أثناء النزاع المُسلح.

وقد أنشأ مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، وقد استخدم سلطته بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة لإنشاء هذه الهيئات القضائية.

وشهدت رواندا عدد من الوقائع المفزعة، وذلك من خلال القتل المنتظم والواسع النطاق لحوالي مليون نسمة من الرجال والنساء والأطفال الذين تم استهدافهم بسبب أصولهم العرقية وانتماءاتهم السياسية خلال تلك المئة يوم المصيرية في ربيع عام 1994.

إلا أن المجتمع الدولى قد فشل في التدخل لمنع الإبادة الجماعية في رواندا وسريبرينيتسا، ولم تثبت محكمة العدل الدولية، أن أي دولة مسئولة بشكل مباشر عن الإبادة الجماعية، منذ نشأتها، إلا أن كلا من ميانمار وروسيا قد واجها إجراءات مؤقتة في قضايا الإبادة الجماعية في السنوات الأخيرة.

أهمية الدعوى

تنبع أهمية الدعوى، من كونها المرة الأولى التي تتم فيها مقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية فيما يعرف باسم "القضية الخلافية"، حيث ترفع الدول قضايا مباشرة ضد بعضها البعض، إذ أن محكمة العدل الدولية أصدرت أحكاما ضد إسرائيل في الماضي، إلا أنها فعلت ذلك من خلال "فتاوى" غير ملزمة تطلبها هيئات الأمم المتحدة مثل الجمعية العامة.

وكمثال في عام 2004 أصدرت محكمة العدل الدولية فتوى تعلن أن الجدار العازل الذي تبنيه إسرائيل في الضفة الغربية المحتلة ينتهك القانون الدولي، ودعت إلى هدمه. وتجاهلت إسرائيل هذا القرار، وفقا لموقع CNN.

وأوضح خبراء، أنه إذا حكمت محكمة العدل الدولية في نهاية المطاف بأن إسرائيل مسئولة بشكل مباشر عن الإبادة الجماعية، فستكون هذه هي المرة الأولى التي تجد فيها أن دولة ما ارتكبت إبادة جماعية، إذ كشف موقع CNN، أن أبعد ما ذهب إليه الأمر هو الحكم بأن صربيا فشلت في منع الإبادة الجماعية على يد الميليشيات في سريبرينيتسا.

وعلى الرغم من قرارات المحكمة ملزمة ونهائية، إلا أنها لا يمكنها ضمان الامتثال. وفي مارس 2022، على سبيل المثال، أمرت المحكمة روسيا بوقف حملتها العسكرية في أوكرانيا على الفور، إلا أن روسيا لم تمتثل للقرار.

هل تتورط الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل في حال إدانتها؟

أكد جون ميرشايمر، عالم السياسة الأمريكي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة شيكاغو، أنه على الرغم من أن طلب جنوب أفريقيا يركز على إسرائيل، إلا أن له آثاراً ضخمة على الولايات المتحدة، وخاصة الرئيس بايدن ومعاونيه الرئيسيين.

وكتب ميرشايمر في مدونته الخاصة، أنه ليس هناك شك في أن إدارة بايدن متواطئة في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل، وهو عمل يعاقب عليه القانون أيضًا وفقًا لاتفاقية الإبادة الجماعية.

واعترف بايدن بأن إسرائيل تنفذ قصفاً "عشوائياً" في غزة، لكنه تعهد أيضاً بحماية إسرائيل، وهو ما دفعه لتجاهل الكونجرس مرتين لبيع معدات عسكرية لإسرائيل خلال الحرب.

وكتب ميرشايمر: "بغض النظر عن الآثار القانونية لسلوكه، فإن اسم بايدن، واسم أمريكا، سيرتبطان إلى الأبد بما من المرجح أن يصبح إحدى الحالات النموذجية لمحاولات الإبادة الجماعية".

ماذا ينتظر العالم من محكمة العدل الدولية؟
 

يتوقع خبراء قانونيون، أن تصدر محكمة العدل الدولية خلال هذه المحاكمة قراراً  عاجلابوقف الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، وعادة ما تحتاج المحكمة إلى أسبوعين لإصدار قرار في الإجراءات الطارئة بعد الجلسات.

وقرارات محكمة العدل في هذا الصدد، نهائية وملزمة ولا يحق لأية جهة الاستئناف على القرار، لكنها لا تملك صلاحية تنفيذها، إلا أنها يمكنها إحالة الملف إلى مجلس الأمن لتطبيق الحكم، وفقا لموقع اندبندنت عربية.

ومن جهتها تقول خبيرة القانون الدولي في جامعة حيفا الإسرائيلية شيلي أفيف يني "إذا أصدرت محكمة العدل الدولية حكماً موقتاً في هذه القضية فإنها تصدر أمراً حاسماً لإسرائيل بوقف الحرب".

وتضيف يني "إذا رفضت إسرائيل الامتثال لحكم المحكمة الدولية، سيحال الملف إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وعندها يكون من الصعب للغاية على الدول الصديقة لإسرائيل أن تستخدم حق النقض ضد اقتراح مثل هذا القرار".

وقد يستغرق إثبات الحكم بشأن الإبادة الجماعية سنوات، لكن الأمر القضائي بشأن وقف الحرب على غزة الذى طلبته بريتوريا "العاصمة القضائية والتشريعية لجنوب افريقيا" من محكمة العدل الدولية قد يأتي في وقت أقرب بكثير.

فرانسيس بويل، محامي حقوق الإنسان الأمريكي الذي فاز بطلبين أمام محكمة العدل الدولية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية ضد يوغوسلافيا نيابة عن البوسنة والهرسك، قال في تصريحات لموقع الديمقراطية الآن إنه بناءً على مراجعته للوثائق المقدمة من جنوب أفريقيا، فإنه يعتقد أن بريتوريا ستفوز بالفعل، قائلا :"ستستصدر جنوب افريقيا، أمر ضد إسرائيل بالكف عن ارتكاب كافة أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين".

وقال بويل، استنادا إلى خبرته في القضية البوسنية، إن الأمر قد يصدر في غضون أسبوع من جلسة الاستماع هذا الأسبوع.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة