الأقصر تنتظر شهر شعبان لبدء موسم الموالد الصوفية.. مولد أبوالحجاج الأقصرى الأشهر.. والشيخ موسي أبو على بالكرنك.. والشيخ أبوزعبوط فى القرنة.. وسيدى أحمد بن إدريس بالزينية.. ومولد الشيخ العشى بقريته.. صور

الجمعة، 19 يناير 2024 08:00 م

حضرة ذكر ومديح فى الموالد بالأقصر

الأقصر – أحمد مرعى

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

يستعد الأهالى فى تلك الأيام لموسم الموالد الصوفية والدينية المنتظرة خلال شهر شعبان المبارك الذي يحل بعد أسابيع قليلة، حيث يعتبر ذلك الشهر المبارك بوابة الخيرات والبركات بمختلف قرى ونجوع محافظة الأقصر، عبر تنظيم سلسلة من الموالد فى حب الله ورسوله وأولياء الله الصالحين، حيث تضم الأقصر أكبر قائمة من الأضرحة والمقامات للصالحين والعارفين بالله ويحتفلون بموالدهم فى شهر شعبان من كل عام.

وتعتبر الموالد السنوية الصوفية من الطقوس المميزة التى ينتظرها أبناء الأقصر، لكى تجمع الأحبة والضيوف فى كافة أرجاء قرى ونجوع ومدن محافظة الأقصر، والتى يعتبر أبرزها مولد الإمام أبوالحجاج الأقصرى فى وسط مدينة الأقصر، ومولد سيدى أحمد إبن إدريس بقرى الزينية وقرية الدير بإسنا، ومولد الشيخ العشي بقرية العشي، ومولد الشيخ موسي أبو على فى منطقة الكرنك، ومولد الشيخ أبو القمصان والشيخ أبو زعبوط فى مدينة القرنة، وغيرها من الموالد الصوفية.

وتنتشر فى شتى أرجاء المحافظة الأضرحة وساحات المحبين في رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولذلك قرر الأهالى منذ قديم الأزل الإحتفال والإحتفاء بتاريخهم المميز فى نشر الدين فى قديم الزمان حول الأقصر، ومن هذا المنطلق يرصد "اليوم السابع" أبرز تلك الموالد الصوفية فى شتى أرجاء الأقصر خلال شهر شعبان المبارك المقبل، وتنظم تلك الليالي عبر فعاليات سباقات الخيول والتحطيب والمدائح النبوية وليالي الذكر والقرآن الكريم وغيرها من مظاهر الإحتفال.

أهم وأشهر تلك الموالد والذي يأتى سنوياً فى منتصف شهر شعبان المبارك، هو مولد العارف بالله سيدى أبو الحجاج الأقصر، والذي يتم تنظيمه بوسط مدينة الأقصر وبرعاية الأسرة الحجاجية المشرفة على الإحتفالات، حيث يتم تنظيم الفعاليات الإحتفالية لعدة أيام فى محيط منطقة المسجد وساحة أبو الحجاج، والتى تناسب ليلة النصف من شعبان من كل عام، ويحضرها الآلاف من أبناء محافظة الأقصر والمحافظات المجاورة.

وعن تلك الفعاليات يقول إيهاب صبرى الحجاجى المتحدث بإسم الأسرة الحجاجية بالأقصر، إنه يعود تاريخ احتفالات مولد سيدى أبو الحجاج الأقصرى، هو الخروج إلى ساحة مسجد أبى الحجاج الأقصرى والتحرك منها طائفين شوارع الأقصر يذكرون الله وينشدون الأناشيد الدينية ويرتلون القرآن ويمارسون التحطيب والرقص بالعصا والرقص بالخيل وركوب الجمال التي تحمل توابيت من القماش المزركش، ومن ملامح احتفالات التى كانت مولد أبى الحجاج الأقصرى، المركب الذى يجره الآلاف ويطوفون به شوارع المدينة يتبعه عربات تحمل أصحاب المهن المختلفة كل يمارس عمله فوق هذه العربة من النجارين والطحانين وغيرهم في مشاهد تمثيلية هزلية وكرنفال شعبي وفني.

ويضيف إيهاب الحجاجى، لـ"اليوم السابع"،، إن الاحتفالات فى كل عام تكون مظاهرها موجودة فى كافة منازل الأسرة الحجاجية أحفاد القطب سيدي أبو الحجاج الأقصرى، حيث تم خلال السنوات الماضية منع خروج موكب الاحتفال المسمى بـ"الدورة" لمنع التزاحم بين المواطنين، حيث تتقدم الأسرة الحجاجية للجميع بالتهاني لجميع أبناء الأقصر بقدوم المولد، موضحاً أن العائلة الحجاجية تستعد كل عام لتلك الإحتفالات بالترتيب لإستقبال الزوار في دواوينهم ومنازلهم وسط أجواء مميزة إحتفالاً بالمولد السنوى، وذلك بعد توقفه لعدة سنوات مضت لظروف أزمة فيروس كورونا، كما سيتم تنظيم فعاليات من قبل أبناء منطقة المنسية حول المسجد للإحتفال بالمولد على طريقتهم السنوية بليالي الذكر والمديح النبوى، موضحاً إنه تقرر إلغاء المولد ومظاهر الاحتفالات ضمن الإجراءات الاحترازية لخدمة وحماية الجميع، حيث إنه مع قدوم ليلة النصف من شعبان في كل عام تأتى الذكرى السنوية لاحتفالات مولد سيدى أبو الحجاج الأقصرى بوسط مدينة الأقصر، وتقرر منع الاحتفالات ودورة المولد، حيث سيتبادل الأهالي التهاني والاحتفالات بالمولد هذا العام فى منازلهم.

ويعد العارف بالله أبو الحجاج الأقصرى، هو "يوسف بن عبد الرحيم بن عيسى الزاهد"، وينتمى إلى أسرة كريمة ميسورة الحال عرفت بالتقوى والصلاح، وكان والده صاحب منصب كبير فى الدولة العباسية، وينتهي نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنهما، وقد ولد الشيخ في أوائل القرن السادس الهجري بمدينة بغداد، في عهد الخليفة العباسي المقتفي لأمر الله، وترك الإمام أبو الحجاج الأقصرى العمل الرسمى وتفرغ للعلم والزهد والعبادة، وسافر إلى الإسكندرية والتقى فيها أعلام الصوفية خاصة من أصحاب الطريقتين الشاذلية والرفاعية، وتتلمذ على يد الشيخ عبد الرازق الجازولى، وأصبح أقرب تلاميذه ومريديه، ثم عاد أبو الحجاج إلى الأقصر، والتقى الشيخ عبد الرحيم القنائى (صاحب مسجد قنا الشهير)، وأقام واستقر بالأقصر، حتى وفاته في عهد الملك الصالح نجم الدين الأيوبى عن 90 عامًا، وكان له مجلس علم يقصده الناس من كل مكان، وترك أبو الحجاج تراثا علميا، ومن أشهره منظومته الشعرية في علم التوحيد وتقع في 99 بابا، وتشتمل على 1233 بيتا، وتوفي الشيخ بالأقصر عام 642ه، ويقال أنه كان كثير الاعتكاف والانعزال بمعبد الأقصر، ولهذا السبب أقام مسجده بقلب معبد الأقصر.

أما المولد الثانى والأكبر تنظيماً فى الأقصر، هو مولد سيدى أحمد إبن إدريس الذي يتم تنظيم فى قرية الدير بمدينة إسنا، وفى قرى مدينة الزينية، حيث تقام الاحتفالات كل عام والتى تحمل معها أجواء من البهجة والسعادة وبحضور الآلاف من الرواد والمحبين لآل البيت، فهو المولد الوحيد الذي يتم الاحتفال به فى أكثر من منطقة، فيقوم أهالي قرية الدير التابعة لمركز ومدينة إسنا وأهالي قرى مدينة الزينية بمحافظة الأقصر، بتنظيم ليالي كرنفالية حفاوة بمولد سيدي أحمد بن إدريس بحضور مشايخ الطرق الصوفية والعمد والمشايخ والمحبين من القرى المجاورة.

وخلال فعاليات المولد فى القرى المختلفة حول الأقصر لسيدى أحمد إبن إدريس، يتوافد المريدون من كافة المناطق للإحتفال بالمولد ويتم تنظيم حلقات التحطيب والمرماح على أنغام المزمار، بالإضافة إلى حلقات الذكر الصوفية والمديح، كما يتضمن الاحتفال أناشيد وكلمات دينية، وتحدث عدد من قيادات وزارة الأوقاف بالأقصر والقائمون على الساحة الادريسية قبل أن تختتم الاحتفالية بالمدائح النبوية والابتهالات.

وقد ولد الشيخ سيد أحمد بن إدريس" فى عام 1750م بمدينة فاس المغربية، وهو يمتد نسبه إلى الحسين بن علي بن أبي طالب حفيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وورع بالتقوى والعمل الصالح حتى شاع ريعه بين الناس، وخرج من تحت يديه العديد من التلاميذ، وكان له منهجا معينا يمشي به طوال حياته، وعندما نزل بقرية الدير الغربي وصلى بها بعض الصلوات، واختلط مع أهلها وشاهدوا بعض الكرامات عليه حتى ارتبطوا به إرتباطاً وثيقاً وأصبحت بينه وبين أهالي القرية علاقة قوية، وأسس له مسجد بها يحمل إسمه، وعندما توفاه الله فى مدينته أو ولاية صبية بالسعودية، ثم بعد ذلك قام الأهالي بعد ذلك بعمل ضريح له والاحتفال بمولده يوم 20 رجب من كل عام.

وخلال رحلة العارف بالله فى مصر وصل لمحافظة الأقصر، وتواجد فى الأزهر الشريف لمدة من الزمن ألقى خلالها بعض الدروس بجامع الأزهر فأعجب به كل من حضره وسمع عنه ولذلك أخذ عنه مشايخ كثيرون، ورافقه بعضهم إلى الحجاز ودخل مكة آخر عام 1213هـ، ليمكث في الحرمين الشريفين ما بين مكة والمدينة والطائف ما يقرب من ثلاثين سنة، قضاها في التدريس ونفع العباد وإرشادهم إلى الطريق المستقيم ودعوتهم إلى العمل بما يحتمه عليهم دينهم الإسلامي وخرج من مكة إلى الصعيد بمصر، موضحاً أن العارف بالله لم ينجب سوى ثلاثة أولاد فقط هم السيد محمد القطب، والسيد عبد العالي، والسيد مصطفى، وتوفى الأخير وهو في سن صغيرة بعد والده، وأما السيد محمد القطب توفى عن عمر 52 عام، وذلك عقب إنجاب ولد وهو السيد على بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن إدريس، وكان عمره حين وفاة جده الإمام رضي الله عنه أربع سنوات فقط، حيث كانت ولادته عام 1250هـ ثم عاش بعد جده 70 عامًا قضاها في عبادة الله والدعوة إليه، وكان من أكابر الصالحين وأسس العائلة الإدريسية في "صبيا" باليمن ورفع شأنها ونشر طريقة جده وأحيا ذكره ما بين المخاليف والقبائل ما دفعهم إلى اتباع دعوته.

وفى الشمال بمدينة الزينية تستقبل قرية العشي شهر شعبان المبارك، بالإنطلاق فى الإحتفال السنوى بمولد الشيخ محمد العشي التي تستمر لمدة 4 أيام، عبر تنظم آخر ليالي سباقات مرماح الخيول وتنظيم الدورة الختامية لليلة النهائية للمولد، ومع بداية المولد يتوافد الخيالة والمئات من أبناء محافظة الأقصر والمحافظات المجاورة، وذلك للمشاركة فى المولد وسباقات الخيل والمرماح على أنغام المزمار والربابة وسط أجواء مميزة، حيث يتم تجمع الخيالة على طريقتهم الخاصة بسباقات الخيول وحلقات الأحصنة المبهجة، على أنغام المزمار البلدى الشهيرة فى تلك الفعاليات، حيث أن عادة مرماح الخيول وحلقات التحطيب على ظهر الخيول وصينية الخيول هى عادات متوارثة منذ عشرات السنين، حيث يتم تنظيم الاحتفالات المختلفة بالموالد.

والشيخ محمد العشى هو أحد أولياء الله الصالحين بمحافظة الأقصر، وله مريدون ومحبون من كل أنحاء الصعيد، ويحتفل بالمولد الخاص به في الأيام الأربعة الأولى من شهر شعبان، ويكون اليوم الخامس هو "الدورة" التي يخرج فيها أبناء القرية من رجال ونساء وشباب وأطفال تجوب جميع أنحاء القرية، كما يقوم كافة أبناء القرية بعمل مأدبة غداء وعشاء لضيوفهم من كافة أرجاء المحافظة وكافة أنحاء مصر، مؤكداً على أن فعاليات الليلة الختامية لمولد الشيخ محمد العشى يتم خلالها تنظيم أناشيد دينية ومدائح وفرق موسيقية شعبية، وإقامة حلقات لعبة التحطيب التراثية التي يتميز بها أبناء الصعيد، وكذلك إقامة موائد طعام للمشاركين فى المولد من القرى المجاورة، وخروج المئات من الأطفال للاحتفال فى الملاهى وشراء الحلوى للمولد.

وفى وسط مدينة الأقصر وتحديداً بمنطقة الكرنك يحتفل الآلاف من الأهالى بالمولد السنوى للشيخ الجليل موسي أبو على، حيث تشهد الكرنك 5 أيام من الإحتفال بمولد "الشيخ موسى أبوعلي"، وذلك فى عادة سنوية مستمرة منذ عشرات السنين بحضور المئات من قرى ونجوع الأقصر ومحافظات الصعيد، عبر ليالي المديح والمرماح وغيرها من الفعاليات للاحتفال بذكرى مولد العارف بالله الشيخ موسى أبو علي.

ويتم خلال الاحتفالات بمولد الشيخ موسي أبو علي بالكرنك، نصب المراجيح والعربات والحنطور وشراء الحلوى والألعاب، حيث تخرج بصورة سنوية دورة المولد من منطقة الكرنك تجوب كورنيش النيل ومختلف أنحاء المنطق بالكامل، ويشارك فيها المئات من أبناء المحافظة ممتطين الخيول والجمال وعربات الحنطور والكارو للإحتفال بمولد "الشيخ موسى أبو علي"، كما تتم فى الليلة الختامية للمولد بمنطقة الكرنك مساءاً، عقد حلقات الذكر والأناشيد الدينية وسط منطقة الكرنك، وتقام سرادق العشاء بالمأكولات الأقصرية الخاصة بالمولد وهى الكباب واللحوم المختلفة، كما تقام مسابقات التحطيب والرقص بالخيول فى المناطق الفضاء بالكرنك.

ومن الجدير بالذكر أن الشيخ موسى علي محمود من مواليد عام 1908 الزينية بحري مركز الأقصر، حيث نشأ فيها وعاش وتربى، حتى انتقل إلى الكرنك واستقر به المطاف هناك عام 1950 وبدأ نجمه يعلو ويزدهر في تلك المنطقة، وبدأ الناس يأتون إليه ويتبركون به بعد ظهور العديد من كرامات الأولياء والصالحين له، فكانت ملامحه تدل على الزهد والطيبة والورع بين أقرانه، وكان دائم العزلة والابتعاد عن اللعب واللهو وكثير التفكر والتدبر.

وفى البر الغربى بالقرنة فيتم تنظيم فعاليات موالد الشيخ أبو القمصان والشيخ أبو زعبوط، التى تقام سنوياً، بمرماح الخيو فى جبل القرنة ولعبة التحطيب يومياً بجانب ليالي المديح والذكر فى حب رسول الله، ويقوم أهالى تلك المناطق بإستقبال ضيوفهم فى منازلهم بتنظيم ولائم فى كافة منازل البعيرات والقرنة للضيوف، حيث يقع ضريح سيدي أبو القمصان بين جنبات المعابد والمقابر الفرعونية، وتنطلق فعاليات الاحتفال بمولد العارف بالله قبل رمضان من كل عام حيث يقام مهرجان للتحطيب يتبارى فيه ما يطلق عليهم "طائفة العصاية".

كما تشهد قرية البعيرات بالقرنة أيضاً خلال شهر شعبان، الاحتفال بمولد العارف بالله الشيخ أبو زعبوط، ويحتفل الأهالي فى نجوع القرية بهذا المولد في العشر أيام الأواخر لشهر شعبان من كل عام، ويستمر الاحتفال عددا من الليالي، وسط حضور المئات من أهالى البر الغربي والمناطق المجاورة من محبي ومريدى العارف بالله أبو زعبوط، حيث أن الشيخ أبو زعبوط صاحب أكبر مقام في قرية البعيرات والبر الغربي بأكمله، يحتفل الأهالي بمولده في العشر الأواخر شهر شعبان كل عام، ويُختتم الاحتفال بليلة ختامية كبرى، يعقبها خروج تابوت كبير يجوب جميع أنحاء القرية ويتجمع خلفه الرجال والصبيان منهم الراكب ومنهم الماشي صبيحة اليوم الذي يلى الليلة الختامية، وتنتهى عند مقام الشيخ أبو زعبوط.