سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يناير 664.. وفاة عمرو بن العاص وابنه عبدالله يحمله إلى المسجد للصلاة عليه ثم دفنه فى سفح المقطم قرب مدخل الشعب

السبت، 06 يناير 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 6 يناير 664.. وفاة عمرو بن العاص وابنه عبدالله يحمله إلى المسجد للصلاة عليه ثم دفنه فى سفح المقطم قرب مدخل الشعب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
دخل ابن العباس على فراش عمرو بن العاص فى الفسطاط أثناء مرضه الأخير، فقال له: «لقد كنت تقول أشتهى أن أرى رجلا عاقلا يموت حتى أسأله كيف يجد، فكيف تجدك؟ فقال له عمرو: أجد السماء كأنها مطبقة على الأرض وأنا بينهما كأنما أتنفس من خرم إبرة»، ولما دخل عليه ابنه عبدالله، أشار إلى صندوق، وقال: «هذا لك، فقال له عبدالله: لا حاجة لى به، فقال عمرو: خده فإن فيه مالا، ولكن عبدالله أبى أن يأخذه»، وكانت آخر كلمات قالها عمرو هى: «اللهم أمرتنا فعصينا ونهيتنا فما انتهينا، اللهم لا برىء فأعتذر، ولا قوى فأنتصر»، ومات فى يوم الفطر من عام 43 للهجرة، الموافق 6 يناير، مثل هذا اليوم، 664، حسبما يذكر المؤرخ البريطانى الفرد.ج. بتلر فى كتابه «فتح العرب لمصر»، ترجمة، محمد فريد أبوحديد.
 
كان فوق السبعين من عمره، وحمله ابنه عبدالله إلى المسجد وصلى عليه، ثم صلى عليه كل من حضر الصلاة من الناس، ودفن فى سفح المقطم بقرب مدخل الشعب، ولكن موضع قبره نسى وأغفل، ومرت قرون على ذلك الجبل والناس يحفرونه ويقتلعون منه الحجارة حتى إتمحى أثر هذا الشعب». »
يذكر «بتلر» أن عمرو دخل إلى مصر لولايته الثانية فى شهرى أغسطس وسبتمبر عام 658 «ولايته الأولى كانت فى فتحه لها أثناء عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضى الله عنه»، ولم يمض عليه زمن طويل حتى ذللها وأقر الأمور فيها، ثم جازى جنوده وأقبل على خيراتها وأموالها، فنال منها ما شاء إذ جعلها معاوية طعمة له، ولقد خرج من مصر حينا قصيرا لأمر التحكيم بين المتنافسين على الخلافة، وهما على بن أبى طالب رضى الله عنه ومعاوية بن أبى سفيان، ثم عاد ونجا من الموت بأعجوبة، وكان جماعة قد اتفقوا على قتل الثلاثة، على، ومعاوية، وعمرو، وأخذ أحدهم واسمه يزيد على نفسه أن يذهب إلى قتل عمرو وهو يؤم المصلين فى يوم الجمعة فى المسجد، حتى إذا كان اليوم الذى عزم القاتل فيه على إنقاذ أمره، عرضت علة على عمرو منعته من الخروج إلى الصلاة، فصلى بدله القائد المعروف خارجة بن حذاقة، ولم يفطن القاتل إلى ذلك التغيير فشد على «خارجة» فضربه بخنجره حتى قتله، ولما جىء بيزيد إلى عمرو قال له فى شجاعة: «أما والله ما أردت غيرك»، فقال له عمرو: «ولكن الله أراد خارجة»، 
هكذا يقدم «بتلر» الحالة التى كان عليها عمرو بن العاص فى سنواته الأخيرة، ويتحدث عنها أيضا عباس محمود العقاد فى كتابه «عمرو بن العاص»، قائلا: «لم يعرض له فى ولايته الثانية حادث ذو بال بعد حادث نجاته من القتل، واجتمع الناس على مبايعة معاوية فى سنة 41 هجرية، فسمى عام الجماعة، وحكمت الشيخوخة حكمها، فوهن جسمه، وتتابع سقمه ودانت له الدنيا وهو يقول إذا سئل عن حاله: إنه حال من يذوب ولا يثوب». 
 
يضيف «العقاد»: «فمن آية الجد أن ينتفع الإنسان بما يضير الناس، وقد انتفع عمرو بوهنه مرتين، مرة حين يخاف من الموت لاشتكاء بطنه، ومرة حين سلمت له الولاية ببركة هذا الوهن الذى لا محيص عنه، فلولاه لما طابت نفس معاوية بن أبى سفيان له بولاية يملك فيها الأموال والرجال، ولعله يعيش بعده فيغلب أعقابه على الخلافة، وأهون شىء أن ينتزع ابن العاص فى شبابه أو كهولته، خلافة من يزيد، على أن هذا الفؤاد المتوهج بنوازع الحياة لم يسأم العيش يوما، وقد جاوز الثمانين أو قارب المائة فى قول آخرين، فبكى وهو يجود بنفسه أسفا على الحياة، وقال لأبنائه: إذا رأيتمونى فاقعدوا عند قبرى قدر نحر جزور وتفصيلها «إذا عضاها وقطعها» أستأنس بكم حتى أعلم ما أراجع به رسل ربى»، وقال على سرير الموت: لو كان ينفعنى أن أطلب لطلبت، ولو كان ينجينى أن أهرب لهربت»، ويضيف العقاد: ربما نظر إلى أمواله فقال: «من يأخذها بأوزاره»، يختتم «العقاد» سيرة عمرو بن العاص بتقييم موجز عنه لكنه معبر بقوة، قائلا: «انقضت حياة حافلة، حياة عاملة، وحياة طائلة، وصح فيه على تباين الآراء والأقوال إنه رجل من عظماء الرجال مهما يختلف المختلفون فى نياته أو حسناته أو سيئاته، فالذى لا خلاف فيه أنه كسب للإسلام قطرين كبيرين هما مصر وفلسطين، وأن له سهما وافرا فى كل ما نحسبه للدولة الأموية من العظائم والمآثر فى تاريخ الأمة العربية والأمم الإسلامية».









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة