ولا ينقص من أجر الصائم شيئا..

خطبة الجمعة بالمسجد النبوى: من فطر صائمًا كان له مثل أجره

الجمعة، 15 مارس 2024 02:36 م
خطبة الجمعة بالمسجد النبوى: من فطر صائمًا كان له مثل أجره خطيب المسجد النبوى
إيمان حنا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قال خطيب المسجد النبوى الشريف الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ ، إن من مقاصد صوم رمضان التربية على الإحسان بجميع صوره والجود بمختلف أشكاله، فجودوا بكل خير وأحسنوا إلى الخلق يحسن لكم ربكم، ويجزل لكم المثوبة والأجر، قال صلى الله عليه وسلم: (من فطر صائمًا كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا)؛ ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان أجود الناس بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان، فاقتدوا به وتأسوا به تسعدوا وتفلحوا.

وأوضح فضيلته: إن فريضة صوم رمضان تبرز فيها هذه المقاصد العقدية العظيمة، فهو السر بين العبد وربه، يصومه العبد اخلاصًا واحتسابًا، ومحبة وتعظيم لله وحده، وهذا ما تشير إليه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، ففي توجيه الله عباده بصومه يناديهم سبحانه بنداء الإيمان الذي حقيقته توحيد الخالق ولوازمه، ويجيء لتذكير بغاية الصوم، وأن المراد به تحقيق التقوى الذي رأسها التوحيد وحقوقه، يقول سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، وفي ثنايا آيات الصوم يقول سبحانه: (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)؛ وفي الحديث القدسي يقول الله عز وجل: ( كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة عشر أمثالها، إلى سبع مائة ضعف، إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي)، ويقول صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان وقامه إيمانًا واحتسابًا، غفر له ما تقدم من ذنبه).
 
وأضاف: إن من أعظم الغايات التبعية للتعبد تربية الإنسان على السلوك الأحسن والتصرف الأجمل للعيش الإنساني الكريم، فتلكم مقاصد تشريعية خاصة بتعليم الإنسان على أجمل الأحوال وأكمل السلوكيات القولية والفعلية، فيكون العبد زاكيًا في تصرفاته مع بني مجتمعه ومع الخلق كلهم، إذ تربيه العبادات على زكاة النفس وتهذيبها، وطهارة الأفعال والأقوال وجمالها؛ فإنها تربى الإنسان على أجمل القيم، وأطهر التصرفات، وأزكى التعاملات، وأحسن الأخلاق وأجملها، وبهذا تتحقق للمجتمعات الحياة الفاضلة والعيشة الرضية؛ وإن للصوم الحظ الأوفر من هذه المنظومة، ولذا تتجلى التوجهات النبوية في حث الصائم على أفضل الأخلاق وأزكاها، والبعد عن سيء الأخلاق وأرذلها، بل إن من الحكم الظاهرة والعلل البارزة لفريضة الصوم تربية الصائمين على عبادة سلامة العبد من أذى الخلق والإضرار بهم بأي تصرف قولي أو فعلي، وتلكم مقاصد كلية تعود بالخير الكلي على مصلحة الفرد والمجتمع والعالم ككل، فليكن صومنا باعثاً على أجمل خلق وأزكى عمل وعاصماً من سيء الخصال ولنحرص على اكتساب مقاصد العبادات العالية والتحلي بفضائلها الطاهرة؛ وفي تحقيق هذه المقاصد النبيلة يقول صلى الله عليه وسلم: ((من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل، فليس لله حاجة أن يدع طعامة وشرابه).
 
وأوضح فضيلته: والزور كل قول محرم، والعمل به يشمل كل فعل محرم، والمراد بالجهل السفه والاستطالة على الآخرين، ومن ذلك كل أذى يصدر عليهم، ويدخل في قول الزور اتهام الخلق وظلمهم والكذب عليهم والغيبة لهم والنميمة لهم.
 
ألا فليكن لنا من عباداتنا لخالقنا ما يبعثنا على عمل تطبيقي للمقاصد المرجوة من تلك العبادات، لنعيشها واقعًا ملموسًا في ظواهرنا وبواطننا، ولتشكل في وجداننا قيمة حقيقية نعيش بها في هذه الحياة لنسعد دنيا وأخرى، فالشريعة كلها إنما هي تخلّقٌ بمكارم الأخلاق، فهي كما قال العلماء مقاصد كلية للدين، قال بعضهم: (حسن الخلق هو الدين كله فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في الدين)؛ فلتكن أيها المسلم في صومك متصفًا بجمال الأفعال والتصرفات والتزين بأفضل الأخلاق في السلوك والتعاملات، واستقم على ذلك في حياتك، وفي شتى تصرفاتك، تنل الفوز الأعظم والفلاح الأتم؛ قال صلى الله عليه وسلم: (الصيام جُنَّةٌ فإذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إني صائم)) متفق عليه.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة