رمضان بلسان "أهل زمان".. سكينة فؤاد: عشت أجمل ذكريات الشهر الكريم في بورسعيد.. السهرات الرمضانية بالطفولة سبب عشقي للقصة.. وأبناء المدينة الباسلة كانوا يتسابقون لإفطار الجنود

الأحد، 31 مارس 2024 08:40 م
رمضان بلسان "أهل زمان".. سكينة فؤاد: عشت أجمل ذكريات الشهر الكريم في بورسعيد..  السهرات الرمضانية بالطفولة سبب عشقي للقصة.. وأبناء المدينة الباسلة كانوا يتسابقون لإفطار الجنود سكينة فؤاد
كتبت منة الله حمدي

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ثلاثون يوما بطعم المحبة والرحمة واللطائف، تأثيرها ما زال يثير فى الروح حلاوة العيش والحياة، ذكريات البراءة فى شهر البركة والغفران، من عاشها فى الزمن الجميل أيقن أنه لا يمكن أن يشعر بحلاوة شهر رمضان إلا فى طفولته، فالأثر ما زال فينا ونحن إليه، وكلما مرت على أذنينا شطر لأغنية رمضانية كنا نسمعها، نتذكره.

فى السطور التالية نعيش مع ذكريات الكاتبة الصحفية سكينة جمال فؤاد عن أيام البراءة والطفولة والشباب فى شهر رمضان الكريم.

رمضان فى بورسعيد.. بصوت هادئ يملؤه الحنين قالت سكينة فؤاد: شهر رمضان يغير طقوس الحياة الرتيبة التى اعتدنا عليها خلال العام، ففيه راحة نفسية وإنسانية وصوفية وروحية من الأيام الثقال، وأعادنى الحديث إلى أيام عزيزة كانت فيها الذكريات مرتبطة بالبحر وزجيره والكبائن الخشبية المطلة على شاطئه فى بورسعيد، مدينتى الباسلة ومسقط رأسى، كنا نقضى فيها شهور الصيف التى كانت الأجمل فى حياتى إذا ضمت شهر رمضان الكريم.

من العدد الورقي
من العدد الورقي


سهرات ليالى رمضان فى الصغر سبب عشقى للقصة والرواية.. هكذا تتذكر «سكينة»: كانت الحياة بسيطة جدا، فى الطفولة كنت أنتظر انطلاق المدفع ساعة المغرب، فأفطر وألتقط فانوسى المعدنى الملون وأضيئ شمعته الصغيرة وأنزل على رمال الشاطئ، حيث يتجمع الأطفال الصغار وننزل تحت الكبائن ونجلس على الأوتاد والألواح الخشبية، كانت شموع الفوانيس تضىء المكان، وتبدأ السهرات الجميلة، حيث لم يكن لدينا ما نقضى فيه وقتنا من مسلسلات وبرامج تليفزيونية.

كنا نجلس ونحكى ونبتكر الحواديت، وأعتقد أن هذه بداية وسبب عشقى للقصة والرواية، فكنت أعد لكل سهرة حكاية جديدة لأرويها فى سهرتنا ليلا، خاصة الحكايات المرتبطة بالبحر والسفن والخيال، والحواديت المرتبطة بعرائس البحر والمغامرات وحكايات ألف ليلة وليلة، كنا نعتمد على أرصدة الذاكرة.

أغانى البمبوطية.. وعن طبيعة المدينة البالسة وعادتها وتقاليدها فى رمضان، روت الكاتبة: كنا نقوم برحلات ونحن صغار إلى ميناء بورسعيد، ولا يمكن أن أنسى أرصفة الشارع الرئيسى للميناء، كيف كانت ترتفع أصوات فرق البمبوطية بأغانى السمسمية وسهرات الصيادين، الآن وأنا أحدثك أغمض عيناى كى أستعيد الأغانى البورسعيدية الجميلة «إحنا البمبوطية إحنا.. يالا يا بحرية يالا المركب جاية »، والفوانيس والشموع وأهم ما كان فيها هو إشعال الحماس والقدرة على الحكى والابتكار والتخيل.

أضواء السفن.. «إدونا العادة».. كنا نمر فى صغرنا على الكبار ونغنى أغانى رمضان الجميل وننال حظنا من المكسرات، نعد المنديل ونقول «إدونا العادة ربنا يعيدها عليكم »، وكانت الحصيلة خيرات رمضان الجميلة، تطل الذاكرة علينا بأيام وليالى رمضان على شاطئ البحر ليلا، وهو مضاء بأضواء السفن التى تنتظر دورها لتدخل ميناء بورسعيد، كانت كاللآلئ تضىء مياه البحر من بعيد، وكنا نذهب إلى الميناء لمشاهدة السفن والسائحين وهم ينزلون كى يتسوقوا من ميناء بورسعيد، حيث تشعل الأسواق أضواءها لاستقبال السائحين المقبلين على شراء رموز التراث البورسعيدى.

الحكى.. وبحكم عمله فى الشرطة المصرية، كانت تنتقل الكاتبة سكينة فؤاد مع والدها من مدينة لأخرى فجابت معظم قرى مصر، وشاهدت الكثير من عادتهم وتقاليدهم فى رمضان، تذكرت «سكينة» قائلة: كان بالنهار الصيام ومع أذان المغرب الإفطار وكفى، كنت أقضى وقتى بين القراءة، فلم يكن هناك شىء من مظاهر الاحتفال برمضان مثلما كنا فى بورسعيد، فكانت قرانا محرومة من أشياء كثيرة، وكان الليل طويلا ومظلما، ولكن لا يخلو من شىء تشترك فيه مدينتى بورسعيد والمدن والقرى والمحافظات التى كنا ننتقل إليها، وهى الحكى، فكان وما زال العقل البشرى يفكر ويبتكر الحكايات ويحلم، ولكن بورسعيد كان فيها عبق وعبير وحكايات وذكريات البطولات والبحر والسهر حتى أذان الفجر، بعد أن نكون قد تناولنا السحور على شاطئ البحر وفى انتظار خروج الصيادين بالسمك الطازج.

قمر الدين بالصنوبر.. تروى الكاتبة الصحفية والروائية ذكرياتها مع الأيام الأولى لتعلمها الصيام، فقالت: أتذكر زمان وأنا صغيرة فى بداية تعلمى الصيام، كان يطير عقلى وأنا أشم رائحة الحلوى الرمضانية والقطائف والكنافة وأنا أعشقها، وفى إحدى المرات، أثناء إعداد مائدة الطعام، شعرت أمى بفراستها وحنانها، أن هناك رغبة تراودنى فى الإفطار لأتناول الحلوى التى أعشقها وهى حلوى قمرالدين والمزينة بالصنوبر والذبيب، بذكائها نادت على وقالت لى: «كل الطقوس الإيمانية يراها الجميع إلا الصيام فيكون بينك وبين الله، وما بينك وبين الله لا يعرفه إلا الله، فهل تحبى أن تحتفظى بالسر الذى بينك وبين الله»، حينها كادت تنزل الدموع من عيناى، لأنى كنت أنوى أن أفطر فى السر وأتناول طبقا من ملهبية قمرالدين، لا أنسى هذا اليوم أبدا، شعرت أنى رأيت الله سبحانه تعالى، ومن أجل هذا أدعو الأباء والأمهات أن يكون الطريق إلى الصيام عبر الرحمة، الصيام دروسه لا تنتهى ولكن أعظمها ما تعلمته فى مدينتى بورسعيد، وكانت ليالى وسهرات رمضان وراء قصة «ليلة القبض على فاطمة».



انتصارات أكتوبر.. ما فعله أبناء مدينتى الباسلة لا يمكن أن ينسى، بعد العبور والانتصارات، كانوا يعدون الطعام والحلوى الرمضانية ويتسابقون لعبور القناة كى يفطر معهم الجنود المقاتلون على الجانب الآخر من القناة، وأكثر المقاتلين يتذكرون هذا ويحكونه بتفاصيله الجميلة للأجيال، جيلا بعد جيل، فاللحظات الصعبة فى تاريخنا تستعيد أصولنا وقدرتنا على التحدى.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة