مصر تضفي حماية متعددة الأبعاد في مواجهة أطماع إسرائيل.. تصدت للتهجير لتقويض محاولات تصفية قضية فلسطين.. ووأدت طموحات العودة لسيناء.. وأفشلت خطة تصدير اللاجئين لدول الجوار.. واخترقت مناطق نفوذ الدولة العبرية

الخميس، 25 أبريل 2024 10:00 م
مصر تضفي حماية متعددة الأبعاد في مواجهة أطماع إسرائيل.. تصدت للتهجير لتقويض محاولات تصفية قضية فلسطين.. ووأدت طموحات العودة لسيناء.. وأفشلت خطة تصدير اللاجئين لدول الجوار.. واخترقت مناطق نفوذ الدولة العبرية قمة القاهرة للسلام حققت توافقا دوليا حول رفض التهجير
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

على الرغم من طرح إسرائيل لدعوتها المشبوهة، حول تهجير سكان قطاع غزة، يبدو مرتبطا ظرفيا بالعدوان الغاشم الذى أطلقته منذ أكتوبر الماضي، تحت ذريعة حماية المدنيين، إلا أن ثمة العديد من الشواهد التاريخية التي تعكس حقيقة مفادها أن الفكرة تمثل ركنا أساسيا من ثوابت الدولة العبرية، وهدفا بعيدا المدى لها، منذ تأسيسها وربما قبل ذلك، حيث سبق لها وأن طرحتها في العديد من المناسبات، سواء في مؤتمرات أو حتى دراسات أو أوراق بحثية، وهو ما يعكس محوريتها، في ظل نزعتها التوسعية، والتي تتعارض تماما مع حل الدولتين، والذي يمثل لب الشرعية الدولية، على أساس قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

والحديث عن الفكرة، سواء عبر طرحها في الدراسات البحثية أو المؤتمرات، يمثل إرهاصا مهما نحو مرحلة التطبيق العملي، وهو ما بدا في العديد من القضايا الأخرى، منها على سبيل المثال، قضية صراع الحضارات، والتي انطلقت من مجرد مقال في مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، للكاتب الأمريكي صموئيل هنتنجتون، ثم تحولت إلى كتاب يحمل نفس العنوان لنفس الكاتب، في التسعينات من القرن الماضي، بينما تحول التطبيق العملي للفكرة، مع بداية الألفية، على خلفية أحداث 11 سبتمبر، والتي أسفرت عما يسمى بظاهرة "الإسلاموفوبيا"، التي سادت المجتمعات الغربية، ناهيك عما آلت إليه الأمور في العالم الإسلامي، على خلفية الغزو الأمريكي لأفغانستان ثم العراق.

ولكن بعيدا عن المقاربات الفكرية، فإن فكرة التهجير في العقلية الإسرائيلية تبدو وجودية، حيث ترتبط بصورة مباشرة ببقاء الدولة العبرية، في ظل العديد من المعطيات، أبرزها أن وجود الفلسطينيين على أراضيهم، يمثل استمرار الأمل في الحصول على حقوقهم، في قيام دولتهم، وبالتالي استمرار مقاومة الاحتلال، وهو ما يمثل تهديدا صارخا للحالة الأمنية والمواطن الإسرائيلي، ناهيك عن تقويض أي أمل لإسرائيل في مزيد من التوسع على حساب جيرانها العرب، ناهيك عن تغيير الحالة الديموجرافية للأرض، عبر تغيير هويتها، من خلال تغليب العنصر اليهودي، وهو الأمر الذي من شأنه تحقيق هدف دولة الشعب اليهودي، وهو ما يمثل امتدادا لسياسات أخرى اعتمدت فكرة التهويد، على غرار تغيير ملامح مدينة القدس، والتلاعب في المناهج التعليمية، وغير ذلك من سياسات.


وللدولة العبرية أولوياتها الجغرافية، في إطار فكرة التهجير، أبرزها نقل الفلسطينيين من أراضيهم إلى سيناء، وهو الأمر الذي اتخذ صورا عدة، أحدثها تحت ذريعة حماية المدنيين خلال العدوان الحالي، ولكن سبقها ذرائع أخرى، منها منح تصاريح للفلسطينيين للدراسة في مصر، مع تقديم الحوافز المشجعة لهم، وهي الرؤية التي طرحها رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون، في السبعينات من القرن الماضي، بينما طرحت رؤية أخرى تقوم على تنازل مصر عن جزء من أرضها، مقابل حصولها على منطقة بجنوب غرب النقب، توازى مساحتها المساحة التي سوف تتنازل عنها الدولة المصرية، وذلك في سنوات الألفية الأولى، وهو ما يعكس استهدافا صريحا لمنطقة سيناء، والتي تمثل مطمعا قديما للدولة العبرية.


ولعل استهداف سيناء أمر تدركه جيدا الدولة المصرية، بصورة كبيرة، وهو ما يعكس تصديها في كل مرة للمخططات الإسرائيلية، ووأدها، لتصبح القاهرة بمثابة حجرة عثرة أمام الطموحات التوسعية للدولة العبرية، وهو الأمر الذي يمكننا أن نشهده بوضوح في المواقف المصرية الواضحة منذ اللحظة الأولى لبدء العدوان على قطاع غزة، عبر تحركات دبلوماسية واعية، استطاعت من خلالها حشد المجتمع الدولي وراءها لتقويض الدعوات المشبوهة.


فلو نظرنا إلى موقف الدولة المصرية، من العدوان على غزة، نجد أن تهجير الفلسطينيين يمثل خطا أحمر، وهو ما أعرب عنه الرئيس السيسي في العديد من المناسبات، سواء في قمة القاهرة السلام أو خلال اللقاءات التي عقدها مع زعماء العالم، وذلك لتحقيق حماية، ذات أبعاد متعددة، بدءً من حماية القضية الفلسطينية من محاولات تصفيتها، من جانب، ولحماية سيناء من الأطماع الإسرائيلية، من جانب آخر، ولحماية المنطقة من محاولات نشر الفوضى، عبر تصدير آلاف البشر إلى دولها في صورة لاجئين، من جانب ثالث، وهو ما أضفى قدرا كبيرا من الشرعية على الرؤية المصرية من خلال التوافق حول الأبعاد الثلاثة، بينما في الوقت نفسه قدم القاهرة باعتبارها راعيا مسؤولا للقضية، في ظل رؤيتها المتزنة، التي تقوم في الأساس على تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، الذي تتطلع إليه لصالح كل أطراف المعادلة الإقليمية.


وفي الواقع، يعد الموقف المصري الرافض لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، حاسما في كل مرة، تثور فيها الدعوات الإسرائيلية المشبوهة، بينما عجزت الدولة العبرية عن تمريرها في كل مرة، بفضل الدبلوماسية المصرية، ولكن تبقى اللحظة الراهنة، هي الأكثر إيلاما، خاصة وأن الدولة المصرية نجحت في استقطاب المعسكر الدولي الموالي لإسرائيل، وهو ما يمثل اختراقا مهما لمناطق نفوذها، مما ساهم في خدمة القضية الفلسطينية بصورة كبيرة، وهو ما يبدو في الحديث المتواتر عن الاعتراف بالدولة الفلسطينية في دوائر الغرب، خاصة في أوروبا، ناهيك عن موقف الولايات المتحدة والتي أعلنت موقفها بوضوح حول رفض مخططات التهجير.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة