العائلات بين القتل والإصابة والتشريد فى غزة.. عائلة الغول تفقد 48 شخصا أغلبهم نساء وأطفال فى النصيرات.. "النجار" شهداء وجرحى ونازحين بعد استهداف منزل مجاور لهم.. واستشهاد 21 فردا من أسرة "الناعوق" بدير البلح

الأحد، 05 مايو 2024 06:30 م
العائلات بين القتل والإصابة والتشريد فى غزة.. عائلة الغول تفقد 48 شخصا أغلبهم نساء وأطفال فى النصيرات.. "النجار" شهداء وجرحى ونازحين بعد استهداف منزل مجاور لهم.. واستشهاد 21 فردا من أسرة "الناعوق" بدير البلح عائلات فلسطينية
كتب أحمد عرفة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

** صابرين الغول: العائلة تجمعت في منزل بعد إنذار الاحتلال بالنزوح.. ودفنوا أقاربهم ليستهدفهم الاحتلال فجرا وهم نائمون

** "أم نور النجار": ابنتى استشهدت خلال لعبها في الحديقة وأصيبت شقيقتها والعائلة مشردة داخل وخارج القطاع

** أحمد الناعوق: الاحتلال استهدف عائلتى رغم تواجدهم في المناطق الآمنة

** 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض

جاء استشهاد الرضيعة "صابرين السكني"، بعد أن أخرجها الأطباء من بطن والدتها الشهيدة، لتلحق بأسرتها بعد 5 أيام فقط، وتكشف للعالم حجم الإجرام الذي وصل له الاحتلال من قتل أسرة بأكملها، أم وأب وطفلة لم يتخط عمرها 4 سنوات، ورضيعة لحقت بأمها، فيبدو أن القدر كان رحيمها بها، بدلا من أن تكبر، وقد فقدت كل أفراد الأسرة في هذا العدوان الأخير وتزل بلا أب أو أم أو شقيقة، هذا لأن الاحتلال قرر ذلك.

قصة الرضيعة "صابرين"، تظل شاهدة على عدد الأسر والعائلات الكثيرة التي استشهد جل أفرادها نتيجة استهداف منازلهم بطائرات الاحتلال، أو عمليات إعدام جماعية، أو استهداف مراكز النزوج والمدارس، وغيرها من المجازر التى لم تتوقف في غزة منذ 7 أكتوبر الماضي، فـ"عائلات مسحت من السجلات"، عبارة قد تسمعها كثيرة عبر شاشات التلفاز لتصف الأوضاع التي يشهدها قطاع غزة منذ بدالية العدوان الإسرائيلي في 7 أكتوبر الماضي، ولكن إذا توقفت قليلا وتتمعن فيها، ستجد المعنى مرعب، ذكريات، سنوات، حياة لعدة أسر كانت تعيش في منزل أو عدة منازل متجاورة، عائلة لها تاريخ يمتد لعقود من السنوات، جذورها محفورة في تلك الأرض، ضحك، فرح لحظات سعادة، ولحظات عمل واجتهاد، تجمع وأطفال يلعبون، رجال يذهبون لعلمهم يوميا ونساء يرعين أبنائهن ويقمن على أمور بيوتهم، عائلة تخصص يوما أو أكثر للتجمع حول مائدة الطعام، طقوس وعادات وقيم، هناك الطبيب، والمهندس، والعامل، والمحامي والمدرسة، كل هذا اندثر في لحظة قرر فيها الاحتلال قصف منازلهم ليقضى على العائلة بأكملها.

"إذا سألوك عن غزة قل لهم، بها شهيد، يسعفه شهيد، ويصوره شهيد، ويودعه شهيد، ويصلي عليه شهيد"، هكذا كان لسان حال الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، وهو يصف غزة، التي لم يكن عدوان 7 أكتوبر هو الأول ولكنه الأبشع منذ نكبة 1948، سواء من حيث عدد أيام العدوان أو حجم الدمار، أو أعداد الشهداء والجرحى والمصابين، والألم النفسي والآثار المترتبة عليه.

الأمر لا يتوقف عند مسح العائلات عن الخريطة، بل أصبحت عائلات كثيرة مشردة داخل القطاع وخارجه، وأصبح أفرادها بين الشهداء والمصابين والنازحين، وتجمعهم في مكان واحد أصبح حلما بعيد المنال، خاصة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي الذي لم يتوقف منذ 7 أكتوبر الماضي وحتى الآن.

عائلة صابرين الغول
عائلة صابرين الغول

مع الأسابيع الأولى للعدوان على غزة، تخطى عدد العائلات التي مسحت سجلاتها الـ100 عائلة، ولكن الآن هذه الأعداد مضاعفة، في بعض الأحيان تجد أن هناك أكثر من 30 فراد من العائلة الواحدة استشهد، وقد تجد العدد يتخطى الـ50، وفي بعض الأحيان 70 شخصا، فلدينا عائلة نفار الذي استشهد منها 50 فردا بينهم رضيع في عمر الأربعة شهور،  ومجزرة عائلة شهاب، التي استشهد فيها 44 شخصا بينهم 20 طفلا أحدهم رضيع، و26 امرأة، وهناك مجزرة عائلة ملكة الذي استشهد فهيا 26 شخصا، بجانب عائلة الكاتب الفلسطيني يوسف دواس الذي استشهد فيها 27 شخصا من عائلته، في بيت لاهيا في 14 أكتوبر الماضي، وعائلة الناعوق التي استشهد فيها 21 فردا، وعائلة الغول التي بلغ عدد شهدائها 48 شخصا.

العائلة الأخيرة قصتها مؤلمة للغاية، فلدى العائلة أفراد يعيشون خارج غزة، يحرصون على الاطمئنان على العائلة يوميا، صباحا ومساءا، اتصالات لم تخل من التوتر والقلق والدموع، تشرح العائلة المقيمة في القطاع لأفرادها في الخارج حجم المعاناة التي يعيشونها من أجل الحصول على الطعام والمياه، وانقطاع الكهرباء والاتصالات بشكل مستمر، صوت الطائرات الذي لا ينقطع، والخوف من الاستهداف في أي لحظة، ولكن في لحظة وبدون أي مقدمات، الاتصالات تنقطع، والمكالمات تتوقف ثم يصل خبر استهداف العائلة وهنا تكون الفاجعة.

استشهاد 48 فردا من عائلة صابرين الغول

"علمت خبر استهداف عائلتى من خلال مكالمة تلقيتها من أختي المقيمة في لندن في 21 نوفمبر بعد الساعة الخامسة بقليل، الخبر كان كالصاعقة وبدأت أحاول الاتصال عليهم لساعات لكني لم أصل لأحد منهم حتى شاهدت الخبر على شاشات التلفاز وشاهدت التقرير الأول الذي تم فيه عرض صور للمنزل وبعض الجثث لأطفال التي كانت تحت الردم، وبعض الجثث الملقاة في أكياس بيضاء، حاولت قراءة بعض الأسماء التي كانت على الأكياس وتعرفت على اسم أمي وأبي وأختي وزوجة أخي، وتم دفن 17 جثة في اليوم الأول"، هنا تحدث السيدة الفلسطينية صابرين الغول في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، رد فعلها عندما علمت باستهداف عائلاتها بالكامل في ثاني شهر من العدوان، بعد أن كانت تتحدث معهم يوميا على أمل أن تلتقى بهم يوما ما عندما تعود لغزة، قرر الاحتلال أن ينهى على تلك الأحلام بالكامل من خلال صاروخ استهداف منزل العائلة.

أحد أشقاء صابرين الغول
أحد أشقاء صابرين الغول

تقول "صابرين الغول"، عن وضع عائلتها قبل استهدافها :"كنت أتواصل معهم دائما، والتواصل كان يتم عن طريق الإنترنت غالبا لأن الاتصال المباشر لم يكن متاحا طوال الوقت وقطع نهائيا بعد فترة من بداية الحرب، حيث كنت أتواصل معهم عبر صفحة للعائلة على الواتس دائما وغالبا نطمئن على بعضنا البعض من خلال الصفحة، خاصة صباحا بعد انقضاء الليالي الصعبة.

أحد أفراد عائلة  صابرين الغول
واحدة من أفراد عائلة صابرين الغول

عائلة بأكملها تعيش في منزل واحد، ولكن هذا المنزل يسوده الرعب والخوف من الاستهداف في أي لحظة، أصوات الأطفال تصرخ كلما سمعت صوت طائرات الاحتلال تحوم حول المنطقة، أمهات يحاولن طمأنة الأطفال والسيطرة على صراخهم، الجد والجدة يتضرعون إلى الله عز وجل بأن ينجيهم من هذا العدوان، ورجال يفكرون ماذا سنفعل إذا دمر الاحتلال المنزل مثلما فعل في منازل بمناطق مجاورة.

أحد أفراد عائلة صابرين
أحد أفراد عائلة صابرين

"معاناة العائلة بدأت منذ أول أسبوع من العدوان على غزة لأنهم من سكان مخيم الشاطيء"، هكذا تصف صابرين الغول حال عائلتها قبل استهداف منزلهم قائلة :"أنذر الاحتلال الأهالي بالإخلاء والتوجه نحو الجنوب، ووالدى رجل كبير أصيب بسكتة قلبية في شهر سبتمبر يعني قبل أسابيع من اندلاع الحرب، ووالدتى أيضا مريضة بالسكري ولهم روتينهم وغذائهم الخاص وبيتهم وأشيائهم الخاصة، وبعد تشاور وتردد اتخذت العائلة قرارا بالتوجه للجنوب بالتحديد لمنطقة النصيرات في جنوب وادي غزة لمنزل اختي المسؤولة الأممية في وكالة الأونروا "آية الحاج" وزوجها مدير عام المستشفيات في قطاع غزة، فلديهما فيلا واسعة مكونة من ثلاثة طوابق مع حديقة واسعة وفيها جميع التجهيزات اللازمة لاستيعاب أهلي هناك وتوفير ما يلزم لوالدي وغيرهم".

أطفال عائلة صابرين الغول
أطفال من عائلة صابرين الغول

لم يكن يعلم الأب بأن المكان الجديد الذي انتقل إليه هو المكان الذي ستنتهى فيه عائلته بالكامل، خاصة أن انتقاله للمكان الجديد شجع الكثير من أفراد العائلة إلى الذهاب والمكوث مع الأب والأم، خاصة مع انتشار الرعب في كل مكان بقطاع غزة، لذلك فضل أفراد العائلة بأن يتواجدون في مكان واحد ليطمئن بعضهم بعض، وهنا تتحدث صابرين الغول قائلة :"في نفس اليوم التحقت أختي جيهان وزوجها وابنها الشاب بأهلي وأيضا أختي نسرين مع بناتها الأربعة وابنها الشاب الصيدلي مع أبناءه الثلاثة، فجميعهم توجهوا إلى النصيرات".

الحاج عبد العزيز عليان والد صابرين
الحاج عبد العزيز عليان والد صابرين

وحول أبرز القضايا التي كانت تتحدث معهم خلال تواصلها مع العائلة عبر الإنترنت تقول :"كنا نناقش الحرب والقصف وإجراءات السلامة، وكنا نطمئن على صحة والدي والأطفال، وعن توافر الاكل والخبز، ونتبادل أخبار من استشهدوا من معارف وجيران وأقارب، وحصلنا منهم على بعض الصور أثناء تكيفهم مع الوضع الجديد خلال الحرب وكيفية توفير الغذاء والماء وشحن التليفونات وأيضا البنزين اللازم للتنقل".

ديبمة موفظة في منظمة الصحة العالمية وابنة أخت صابرين الغول
ديبمة موفظة في منظمة الصحة العالمية وابنة أخت صابرين الغول

"شحت الموارد لكن لم يعانوا من الجوع حيث كان أهلي يعملون على تخزين المعلبات والدقيق والخميرة بالإضافة للماء مع خيمتين جهزوهم بالتدريج في حال اقتحام الاسرائيليين إلى مناطق الجنوب"، هكذا تصف صابرين الغول كيف تغلبت عائلتها على نقص الطعام في قطاع غزة مع بداية العدوان وحصار الاحتلال للقطاع، ولكن العائلة لم تكن تعلم أن تخزينها الطعام ليس كافيا لبقائها على قد الحياة.

طفل من عائلة صابرين الغول الذين تم استهدافهم
طفل من عائلة صابرين الغول الذين تم استهدافهم

عندما يتذكر الإنسان أخر اتصال بعزيز فقده دائما ما ينتابه شعور حزن عميق وألم كبير، لأنه لم يكن يعلم أن هذا التواصل هو الأخير، وهنا تتحدث صابرين الغول عن أخر تواصل بينها وبين عائلتها قبل الاستشهاد، حيث تقول :"أخر تواصل كان يوم الأحد قبل استشهاد أهلي بيومين، حيث تواصلت بالصدفة مع اختي جيهان وتحدثت معها على الماسنجر وطلبت منها أن تنقل الهاتف لأمي، وكانت أول مرة أسمع صوت أمي منذ 5 أسابيع، حيث بكيت بمجرد ما سمعت صوتها وقالت لي حرفيا: "مبروك حفيدك الأول ما شاءالله حلو يشبه أبوه"، ثم طلبت مني أن اهتم بنفسي وأنهم ينتظرون الموت فدورهم آت"، وهنا تتذكر صابرين الغول ذكرياتها في أخر مكالمة لها مع العائلة وكيف أثرت عليها نفسيا، وتقول:" بكيت كثيرا أثناء وبعد المكالمة.. ربما أحسست أنها ستكون أخر مكالمة لكني أنكرت ذلك".

"الموت ينتقل من عائلة إلى عائلة بنفس مقدار سرعة الصاروخ الذي يقذف من الطائرة ليستهدف منازل المدنيين"، فلم تلبث عائلة "الغول" أن انتهت من تكفين ودفن عائلة أقارب لهم إلا ووصل لهم صاروخ الاحتلال ليلحقوا بأقاربهم، وهذا ما تكشفه صابرين الغول قائلة :"يوم الإثنين قصف الاحتلال بيت سلف أختي، الدكتور عبد اللطيف، فانشغل أشقائى وأبناءهم باستخراج الجثث طوال النهار حتى المساء، عندما عادوا استحموا جميعا وصلوا جماعة وتعشوا وناموا ولكنهم لم يفيقوا من نومهم حيث تم قصف المنزل في فجر يوم الثلاثاء الموافق 21 نوفمبر الساعة الرابعة والثلث فجرا، وتم استهدافهم ببرميل واحد يحتوي على مواد متفجرة، وبلغ عدد الشهداء 48 شخصا وتم استخراج تقريبا الثلثين والثلث الأخير رقدوا تحت الانقاض لفترة تقريبا 10 أيام في هذا الوقت كان البعض يحاول الحصول على حفار ليرفع الردم والركام عن الجثث، وتم دفن معظمهم في أخر يوم قبل انقضاء الهدنة التي انتهت في بداية شهر ديسمبر الماضي".

عائلة صابرين الغول قبل استهدافهم
عائلة صابرين الغول قبل استهدافهم

13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض

صابرين الغول خلال حديثها عن استهداف عائلتها، تحدثت عن استمرار بعض أفراد العائلة تحت الأنقاض، والبعض ما زال مفقودا تحت الركام بعد أن فشلت إدارة الدفاع المدني الفلسطيني من انتشال كل الجثث، وهنا يبرز الحديث عن أعداد المفقودين في قطاع غزة والتي زادت بشكل كبير خلال هذا العدوان، ففي تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطى لحقوق الإنسان في 10 أبريل الماضي، يؤكد أن أكثر من 13 ألف فلسطيني في عداد المفقودين تحت الأنقاض، أو قتلى في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرًا في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية، وبعضهم تعرض للقتل داخلها، مؤكدا أن هذا التقدير مبني على حجم البلاغات الأولية للمفقودين، مستدركًا أنه من الصعب تقدير الأعداد الحقيقية للمفقودين في هذه المرحلة، نظرًا للهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، وحصار العديد من المناطق التي ينفذ فيها الجيش الإسرائيلي عملياته العسكرية، وبخاصة البريّة، بالإضافة إلى ممارسات الجيش الإسرائيلي الهادفة إلى تشتيت الأسر الفلسطينية، وبخاصة من خلال إجبار العائلات على النزوح المتكرر دون تأمين ممرات آمنة، وفصل أفراد العائلات وإجبارهم على النزوح إلى مناطق مختلفة، أو اعتقال بعضهم ومن ثم إخفائهم قسريا، وانقطاع التواصل فيما بين الأسر، وبخاصة في ظل ضعف أو تقطع الاتصالات والإنترنت.

عائلة صابرين الغول
عائلة صابرين الغول

كما أكد المرصد الأورومتوسطى خلال تقريره، ضرورة وجود تحرك سريع لانتشال الجثامين، محذرًا من أن استمرار بقاءها بالشكل الحالي ينذر بنشر المزيد من الأوبئة وسيكون له تداعيات خطيرة جدًا على الصحة العامة والبيئة، وهي أمور بدأت تلمس منذ عدة أشهر، لافتا إلى أن جريمة الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي لم يسلم منها الضحايا حتى بعد قتلهم، وسط تواطؤ دولي مستهجن.

عائلة صابرين بعد استهدافهم
عائلة صابرين بعد استهدافهم

وتحكى صابرين الغول، عن شعورها عند سماع خبر استشهاد عائلتها، حيث تقول :"شعور المصدوم وما زال! كيف تفقد معظم أفراد عائلتك في لحظة ! كيف تصبح يتيما وتفقد أغلى الناس ! كنا عائلة مترابطة قريبة من بعضها البعض، نجتمع سوية دائما وبشكل أسبوعي في منزل والدي، حيث نضحك كثيرا، وأخوتي مسالمين لطيفين ودودين محبين لعمل الخير ومحبوبين من الجميع"، وهنا تتحدث عن أشقائها الشهداء حيث تقول :"أخي الأكبر محمود يعمل في دائرة الشؤون المدنية حيث كان مسؤولا عن استخراج التصاريح للمرضى والعمال الذين يغادرون غزة عن طريق معبر إيرز إلى إسرائيل، بينما شقيقي محمد ايضا موظف في السلطة الفلسطينية وكان مسؤولا عن مزرعة العائلة الموجودة في أقصى الشمال الغربي لمدينة غزة على الحدود مباشرة من إسرائيل، وأخي يوسف كان يعمل ممرضا في مستشفى العيون، ومن تبقى من العائلة 6 أخوات من 11 اخ واخت، حيث رحل محمود ومحمد ويوسف ونسرين وجيهان وأبناءهم مع أبي وأمي وأبناء وأحفاد أختي آية وأيضا بعض الأقارب ومن تبقى من عائلتنا شقيقاتي لبنى مقيمة في السويد، وختام في لندن وأنا في السويد، بينما آية وسهير وأميمة ما زلن في غزة".

عائلو محمود شقيق صابرين الغول
عائلة محمود شقيق صابرين الغول

عائلة النجار المشردة.. استشهاد وإصابة ونزوح

كان يلعبان في الحديقة بجوار المنزل، قبل دقائق من استهداف الاحتلال لمنزل بجوار منزلهما في مدينة رفح الفلسطينية، الاستهداف الذي تسبب في استشهاد ضحى وإصابة نور، التي خرجت مؤخرا من قطاع غزة لتتلقى العلاج في مصر، بعد أن تعرضت لكسر في العمود الفقري، وتظل مشهد لعب شقيقتها معها ذكرى أليمة، حيث كانت هذه هي المرة الأخيرة التي ترى فيها ضحى.

وتقول السيدة الفلسطينية "أم نور"، إن ابنتها المصابة نور ماجد النجار، أصيبت في فبراير الماضي بعد أن استهدف الاحتلال منزل مجاور لمنزل الأسرة، وشقيقتها استشهدت بجوارها، فيما أصبحت الأسرة مشردة، حيث إن الابنة ضحى استشهدت، بينما الابنة نور مصابة وتعالج خارج القطاع، فيما ظل باقي الأشقاء داخل قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الذي يشنه الاحتلال داخل القطاع.

عائلة النجار التي استشهدت إحدى بناتها وأصيبت الأخرى، هي شاهدة على حجم استهداف الاحتلال للنساء الفلسطينيات في القطاع منذ بداية العدوان، فوفقا لأخر تصريح صادر من وزيرة شئون المرأة الفلسطينية في الحكومة الجديدة، منى الخليلي، وذلك في 7 أبريل الماضي، فإن هناك 9560 فلسطينية استشهدت منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة من إجمالي عدد الشهداء البالغ 33175، حسب الإحصاءات الصادرة عن صندوق الأمم المتحدة للسكان ، وكذلك هناك نحو مليون امرأة نازحة قسراً تواجه مخاطر حماية متفاقمة في مراكز الايواء التي تفتقر إلى الضروريات الأساسية والخصوصية، وسط الانفصال عن شبكات دعم الأسرة، و⁠هناك ما يقارب 37 أم تقتل يومياً تاركةً خلفها عائلات مدمرة وأطفال مشردين.

ووفقا لتقرير صادر من وكالة الأونروا في 19 أبريل الماضي، فإن هناك أكثر من 10,000 امرأة شهيدة في غزة من بينهن ما يقدر بنحو 6,000 امرأة تركن وراءهن 19,000 طفل، فيما ترملت النساء الناجيات وشردن ويواجهن المجاعة.

منزل واحد كان يجمع أسرة "النجار"، في رفح، ولكن أبى الاحتلال إلا أن يفرق تلك العائلة لتصبح بين شهيد أو مصاب أو نازح، حيث تضيف "أم نور النجار" في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع": "كنا نعيش في بيت في رفح الفلسطينية، وفي إحدى المرات كان أبنائى يلعبون في الجنينة أمام المنزل، وخلال تلك اللحظة استهداف الاحتلال منزل بجاورنا لتستشهد ابنتى ضحى، بينما أصيبت "نور" بشظايا وحروق نتيجة الصاروخ الذي ألقته طائرات الاحتلال، ونقلت إلى إحدى المستشفيات في القطاع وظلت فيها لأيام دون أن تعالج بسبب قلة الإمكانيات في المستشفيات داخل القطاع.

عدم تمكن "نور النجار"، من العلاج داخل قطاع غزة سببه تعمد الاحتلال تدمير القطاع الصحي في القطاع، واستهداف المستشفيات، حيث لم يعد القطاع الصحى قادر على استيعاب العدد الكبير من الجرحى، خاصة أنه في أخر تقرير صادر عن الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطيني، فإن المستشفيات في قطاع غزة تعمل بما يتجاوز طاقتها بكثير، حيث تعمل المستشفيات المتبقية بنسبة 359٪ من طاقتها ما يعوق جودة وسلامة الخدمات الصحية المقدمة، بسبب ارتفاع أعداد الجرحى، كما أدى العدوان إلى استشهاد 489 من الطواقم الطبية وأصحاب الاختصاص وإصابة 600 آخرين، إضافة إلى اعتقال أكثر من 310، وتدمير أكثر من 126 مركبة إسعاف وخروجها عن الخدمة، بجانب توثيق 600 اعتداء على المستشفيات، تسبب في توقف العديد من المستشفيات والمراكز الصحية عن العمل فمن أصل 36 مستشفى عامل في قطاع غزة 10 مستشفيات فقط تعمل بشكل جزئي بينهم 4 في شمال القطاع، و6 في الجنوب والوسط، وتوقف 76٪ من مراكز الرعاية الصحية الأولية.

الاحتلال لم يحرم "نور النجار" من رؤية شقيقتها مرة أخرى، بل أيضا حرمها من الحركة، بعد أن أصبحت قعيدة تعيش على كرسي متحرك نتيجة الاستهداف، حيث تقول والدتها :" ابنتى لا تستطيع الحركة، فهى مقعدة، وخلال جودنا في قطاع غزة رأينا الموت بأعيننا، حيث قصف بالصواريخ كل يوم على المدن المحيطة بنا، والدبابات تحيط بالشوارع، والاحتلال وقواته هددونا كثيرا خلال النزوح ، وحاصرت قوات الاحتلال لمدن عدة ولكن كنا نستطيع النزوح بأعجوبة".

عائلة الناعوق..  تفقد 21 فردا في لحظة

ننتقل لعائلة الناعوق، تلك العائلة التي فقدت معظم أفرادها خلال الشهر الأول من العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث فقد الحقوقى الفلسطيني، أحمد الناعوق، والذي يعيش في مدينة جنيف، 21 فردا من أفراد عائلته في لحظة، في 21 أكتوبر الماضي، كان من بنيهم الأب والأشقاء وأبناء الأشقاء وابن العم، شيوخ ونساء وأطفال، هذا ما يركز عليه الاحتلال خلال استهدفاه لمنازل الفلسطينيين في القطاع منذ 7 أكتوبر الماضي.

ويقول أحمد الناعوق، في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن الاحتلال قصف منزل عائلته في غزة وكان بداخله العائلة بالكامل، وكان هذا مع بداية العدوان الإسرائيلي في شهر أكتوبر، وبالتحديد في 21 من أكتوبر، واستشهد في هذا الاستهداف 21 فردا من العائلة، موضحا أن عائلته خلال استهداف الاحتلال للمنزل كانت في مدينة دير البلح جنوب قطاع غزة، وهذه المنطقة من المفترض أنها كانت آمنة وفقا لمزاعم الاحتلال ولكن رغم ذلك تم استهدافها.

أحمد ناعوق
أحمد ناعوق

ويضيف أحمد الناعوق، أن آخر رسائل عائلته له خلال تواصله اليومى معهم أنهم لا يجدون المياه الصالحة للشرب، خاصة أنه كان دائما على تواصل مع عائلته منذ بداية العدوان الإسرائيلي ويطمئن عليهم بشكل مستمر، متابعا :"كان هناك تواصل مستمر، وكانوا خائفين من استمرار العدوان وكانوا في البداية قلقين من عدم وجود المياه في القطاع مع الحصار الإسرائيلي، ولكن هم استشهدوا تقريبا في بداية الحرب".

خلال حديث أحمد الناعوق عن استهداف عائلته، فكان من بين الشهداء أطفال، هم النسبة الأكبر في عدد الشهداء في القطاع منذ بداية العدوان وتخطى عددهم الـ14 ألف شهيد حتى الآن، بينما أعلن المفوض العام لوكالة الأونروا، فيليب لازاريني، في 13 مارس الماضي، أن عدد الأطفال الذين استشهدوا جراء الحرب المستمرة على قطاع غزة تجاوز عددهم خلال 4 سنوات من النزاعات في جميع أنحاء العالم.

واستنكر المفوض العام لوكالة الأونروا، خلال تصريحاته حينها ما وصفه بالحرب على الأطفال، لافتا إلى أن عدد الأطفال الذين تم تسجيل وفاتهم خلال 4 أشهر فقط في غزة يفوق عدد الأطفال الذين قتلوا خلال 4 سنوات في جميع النزاعات حول العالم، مستندا إلى أرقام الأمم المتحدة التي تظهر أن 12 ألفا و193 طفلا قتلوا في نزاعات حول العالم بين عامي 2019 و2022، بينما زاد عدد الأطفال الشهداء في غزة عن 14 ألف شهيد.

عائلة صابرين
عائلة صابرين
 
عدد من أفراد عائلة صابرين الغول
عدد من أفراد عائلة صابرين الغول
 
كنان ابن شقيق صابرين الغول
كنان ابن شقيق صابرين الغول
 
محمود شقيق صابرين الغول
محمود شقيق صابرين الغول
 
والدة صابرين الغول
والدة صابرين الغول
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة