سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 مايو 1969.. أم كلثوم تغنى فى طنطا لصالح المجهود الحربى وأعمال المقاومة العربية ووجيه أباظة محافظ الغربية يعلن: «حصيلة التبرعات 277 ألف جنيه»

الأربعاء، 08 مايو 2024 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 8 مايو 1969..  أم كلثوم تغنى فى طنطا لصالح المجهود الحربى وأعمال المقاومة العربية ووجيه أباظة محافظ الغربية يعلن: «حصيلة التبرعات 277 ألف جنيه» أم كلثوم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كانت الساعة الواحدة والنصف ظهر 8 مايو، مثل هذا اليوم، 1969، حين وصلت سيدة الغناء العربى أم كلثوم إلى محطة القطار بمدينة طنطا قادمة من القاهرة، وتوجهت مباشرة من المحطة إلى منزل وجيه أباظة محافظ الغربية، للراحة حتى موعد الحفل الذى تقيمه مساء فى استاد طنطا، وفقا للكاتب الباحث كريم جمال فى كتابه «أم كلثوم وسنوات المجهود الحربى».


كان الحفل ضمن حفلات أم كلثوم داخليا وخارجيا لصالح المجهود الحربى، التى بدأتها بعد هزيمة 5 يونيو 1967، ويذكر «جمال» أن قرابة 9 آلاف احتشدوا فى سرادق كبير أقيم بنادى طنطا الرياضى لحضور الحفل الذى نقلته الإذاعة مباشرة، وقدمه الإذاعى الكبير صالح مهران، وكان المخرج يوسف شاهين موجودا ومعه مدير التصوير عبدالعزيز فهمى لتصوير الحفل، لاستخدامه ضمن الفيلم الذى كان يستعد لإخراجه عن أم كلثوم، قصة وسيناريو سعد الدين وهبة، وكان هذا التصوير هو الشاهد الأخير على هذا المشروع السينمائى الذى لم يكتمل.


كان المحافظون الذين ترعى محافظاتهم مهجرين من مدن القناة فى مقدمة الحاضرين للحفل، ومنهم سعد زايد محافظ القاهرة، ومحمد البلتاجى محافظ الجيزة، وإبراهيم بغدادى محافظ كفر الشيخ، وكذلك حمدى عاشور وزير الحكم المحلى، وفى الساعة العاشرة مساء وبعد أن رفع الستار عن أم كلثوم وفرقتها، صعد وجيه أباظة إلى المسرح ووقف بجوار أم كلثوم ليقدمها للجمهور.


قال «أباظة»: «أيها الإخوة، لست فى حاجة بالطبع لأن أقدم السيدة العظيمة والمناضلة المكافحة الوطنية أم كلثوم إبراهيم، ولكنى أحب أن أقدم شعب الغربية إلى أم كلثوم، شعب الغربية العظيم الذى سارع وتبرع فى هذا الحفل لإخوتنا وضيوفنا من أبناء القناة، فكانت حصيلة التبرعات 274 ألف جنيه لإعادة بناء مدن القناة، وشيك آخر بألف جنيه لمنظمة فتح الفلسطينية، وشيك آخر بألف جنيه لمنظمة سيناء، «كانت تقوم بأعمال فدائية داخل سيناء»، وشيك آخر بألف جنيه لأسر المجندين والمحاربين فى القناة، «المجموع 277 ألف جنيه»، وإنى يا سيدتى لأرجو أن تتقبلى خالص شكرى وعرفانى وأهل محافظة الغربية بالجميل، وعرفاننا بالدور العظيم الذى قمت به كمواطنة عظيمة مناضلة من أبناء الجمهورية العربية المتحدة، قواك الله وسدد خطاك دائما إلى ما فيه الخير، بقيادة رئيسنا جمال عبدالناصر، ونرجو الله مخلصين وقد وعدتنى اليوم السيدة أم كلثوم أن يكون احتفالنا بالنصر للمرة الأولى فى هذه المحافظة».


سجلت عملية التبرعات تفاعلا لافتا، وتذكر الأهرام فى عددها يوم 8 مايو 1969، أمثلة منها، قائلة: إن أعلى سعر للتذكرة الواحدة بلغ 1000 جنيه دفعها كل من على الشيشينى، ومحمد حلمى، وعبدالمجيد قادوس، ومحمد القصراوى، وعند طلب وجيه أباظة من عبداللطيف الهبيان شراء تذكرة بـ100 جنيه دفع 200 ثمنا لها.


بدأت أم كلثوم وصلتها الأولى بغناء قصيدة «هذه ليلتى» للمرة الثامنة، وكعادتها كانت تسحر الأرواح وتتراقص معها قلوب جماهير الحفل، وبدأت الارتجالات مبكرا، فافتتحتها بتلوين سريع فى أدائها لمقطع «يا حبيبى طاب الهوى ما علينا/ لو حملنا الأيام فى راحتينا»، ثم استسلمت لارتجال طويل فى مقطع «يا حبيبا قد طال فيه سهادى/ وغريبا مسافر بفؤادى» إلى أن تجلت فى نهاية القصيدة عند غنائها مقطع «سهر الشوق فى العيون الجميلة»، ثم فى مقطع «هل فى ليلتى خيال الندامة/ والنواسى عانق الخيام»، ودامت هذه الوصلة 90 دقيقة، وفى المجمل تبدو تلك الوصلة شديدة التفرد والجمال ضمن تسجيلات قصيدة «هذه ليلتى» التى تجاوزت العشر تسجيلات.

قبل أن تبدأ الوصلة الثانية بأغنية «ألف ليلة وليلة»، صعد إلى المسرح اللواء عبدالهادى نجم الدين رئيس مدينة طنطا، وألقى كلمة قصيرة، وسلم أم كلثوم نسخة مذهبة من القرآن الكريم، وأعلن منحها باسم محافظة الغربية مفتاح مدينة طنطا تكريما، ثم صعد وجيه أباظة مرة ثانية ليسلمها مفتاح المدينة، وأوضح أن محافظات القاهرة والجيزة وكفر الشيخ تبرعت بـ1000 جنيه لكل منها من خزينة المحافظة لصالح الغرض النبيل المقام من أجله الحفل، وتبرعت محافظته «الغربية» بـ4000 جنيه، ليصبح إجمالى التبرعات 277 ألف جنيه، منها 154 ألف إيراد للتذاكر فقط، تسلمت منها أم كلثوم قبل بداية الوصلة الأولى شيكا بمبلغ 123 ألفا و3000 من أجل أعمال المقاومة العربية، وليكتمل المبلغ 130 ألف جنيه تبرعت محافظة الغربية بـ4 آلاف جنيه أخرى.


كانت صيحات الجماهير المحتشدة تتعالى ابتهاجا بالأرقام التى يعلنها وجيه أباظة، وفقا لكريم جمال، مضيفا: ادعوا للسيدة أم كلثوم بطول العمر والصحة وهتف بعضهم «ربنا يحميك يا ست»، و«ربنا يزيدك يا عظمة»، ثم غنت «ألف ليلة وليلة» للمرة الثالثة فى 86 دقيقة، وخلت من التفاريد النغمية، على عكس الوصلة الأولى، وفى الثالثة صباحا أسدل الستار على أم كلثوم وفرقتها الموسيقية.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة