دموع الفوتوغرافيا.. شهادة مأساوية يرويها مصور فلسطينى يوثق الأوجاع من قلب غزة.. نزوح الفلسطينيين يشبه يوم القيامة.. رجوع الآباء بأوانى الطهى فارغة لأبنائهم أصعب الصور.. فادى ثابت: الموت دائم والحياة تأتى فجأة

الخميس، 27 يونيو 2024 01:51 م
دموع الفوتوغرافيا.. شهادة مأساوية يرويها مصور فلسطينى يوثق الأوجاع من قلب غزة.. نزوح الفلسطينيين يشبه يوم القيامة.. رجوع الآباء بأوانى الطهى فارغة لأبنائهم أصعب الصور.. فادى ثابت: الموت دائم والحياة تأتى فجأة أهل غزة وأطفالها
حاورته بسنت جميل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

- الموت روتين يومى بالنسبة لنا واعتدنا الأحزان

-نتعرض للمخاطر بشكل يومى وفى أى لحظة تنتهى قصة الواحد منا

-منزلى تدمر وأولادى فقدوا حلمهم

-رفضت نشر صور عن المعاناة بكل تفاصيلها حفاظا على المشاعر الإنسانية

-نجحنا فى نقل صورة فلسطين للعالم لكن ليست بنسبة 100%

- رسالتى للعالم: أن الفلسطينى "إنسان" وليس أقل من الآخرين


صارت فلسطين الآن مرتبطة في أذهاننا بصورة للنساء وهن يصرخن وعيونهن ممتلئة بالدموع، وكأنه نهر يسيل ولا يتوقف أبداً، وبرعشة الأطفال من الخوف وقت تدمير منازلهم وموت أسرهم أمام أعينهم، وبالدم الذى يسيل وكأنه ماء يروى الأرض لتطرح آلام وأوجاع.


لقد صارت الأكفان البيضاء صورة معتادة نراها كل يوم، وأصبح الفلسطينى ينتظر الموت فى أى وقت، فما أصعب الشعور وما أقسى وجع الانتظار، ورغم كل هذه المعاناة هناك بصيص من الأمل والرغبة فى الحياة والتمسك بالأرض والاعتزاز والفخر بالانتماء لفلسطين.. هكذا يرى العالم فلسطين، ولولا اجتهاد المصورين فى نقل ما يحدث لحظة بلحظة لغابت عن العالم الحقيقة كاملة، فالصورة أصبحت أفضل من ألف كلمة، فهى الإثبات على كل ما يجري.

نحن نرى ونبحث ونحاول مساعدة الفلسطينيين بأى طريقة ممكنة، ومن هذه الطرق توثيق أيامهم الصعبة فى الصحف والمجلات لتصبح معلومات وحقائق، ولذا تواصل "اليوم السابع" مع المصور الفلسطيني فادى ثابت ليتحدث عن يومه كمواطن ومصور، وكيف يقوم بتوثيق الأحداث الصعبة التى يعيشها المواطن الفلسطيني وهو معه، وتطرقنا بالحديث معه عن العيش بالخيام بدون ماء ولا طعام، وسألنا عن الصور وهل نجحت فى نقل صورة فلسطين للعالم، وأخيرا انتهينا بسؤال عن أول شيء سيفعله عندما تنتهى الحرب..

خوف-طفل-فلسطينى-عايش-بالخيام
خوف طفل فلسطينى عايش بالخيام

 

فإلى نص الحوار...

بعد 8 أشهر من الحرب على قطاع غزة.. كيف تعيش و تعمل وسط هذه الأحزان ورائحة الموت تفوح من كل ناحية؟
إننا نحن الفلسطينيون عامة، و الغزيون خاصة معتادين على الموت و الأحزان، فهى شبه روتين يومى، فعادة بشكل يومى حتى قبل الحرب، هناك مآسى، و الحرب أتت بكل جبروتها و ووحشيتها لتظهِر للعالم هذه القسو، بالطبع أواجه صعوبة فى التعايش، يومياً هناك فقد أصدقاء و أحباب وأقارب وزملاء عمل !! كننا هنا فى غزة لابد أن نواجه الموت، و الحزن، و المآسى، لنصنع من قضيتنا و سرديتنا أمام العالم قوة و تاريخ، لابد أن ينقل ..

 

-أبسط مقومات معيشة الإنسان منزل وماء وطعام ونحن نرى أنكم فقدتم متطالبات الحياة البسيطة.. فماذا تفعلون لتواجهوا تلك الظروف القاسية؟


كانت الخيمة ولا تزال رمزًا للفلسطينى المهجر، سابقاً فى النكبة و النكسة، و حالياً فى هذه النكبة المركبة ! لذلك الخيمة هى المأوى الوحيد للفلسطينى الغزى النازح من بيته وأرضه !و بالنسبة لمسألة الطعام و الشراب، فتلك مأساة مستمرة منذ بداية الحرب، فكان الجوع و العطش النصيب الأكبر من مأساة الغزيين النازحين على الرغم من الجهد الذى تبذله المؤسسات إلا أن الغزى لازال جائعاً ومتعبا ويعانى فى ايجاد ادنى مقومات الحياة !!

نزوح-أهل-غزة-من-منازلهم
نزوح أهل غزة من منازلهم

-اعتقد أن لكل فلسطينى قصة مأساوية شاهدها هو أو أصدقائه أو أسرته، فما أصعب القصص التى حدثت لك؟ وأين تسكن الأن بعد تعرض منزلك للقصف؟


غالبية منازل الغزيون منها من تضرر ضرراً كلياً، و منها كان الضرر فيها جزئياً، و منزلى كان كباقى منازل الأهل والجيران حجم الدمار كبير جدا فوق ما يتخيله البشر، أسرتى، منهم من فقد حلمه و شغفه، و منهم من تعرض لضغط نفسى و حزن شديد، و منهم من فقد أحد أصدقائه وكان النصيب الأكبر للنزوحات المتكررة أثر نفسى كبير علينا جميعا، أولادى فقدوا جامعاتهم وكانوا على وشك التخرج لكن دوما الحرب لها رأى آخر .

خيام-غزة
خيام غزة

-وحول المخاطر التى تواجهك أنت وزملاؤك الحاملين للكاميرات الذين يرصدون الواقع من أجل توثيق التاريخ للعالم وللأجيال القادمة كيف تتعامل نفسياً مع هذا الشعور ؟



لطالما كانت قضية أهل غزة خاصة والفلسطينيين عامة مصدر إلهام للمصورين، على الرغم من تعدد مصادر الخطر لكن نحاول بكل الإمكانيات الابتعاد عن الخطر قدر المستطاع لكن هذا لا يَكبح شعور الخَوف بشكل كامل فلا يوجد مكان آمن، ففى أى لحظة تنتهى قصتك فى هذه الأحداث المشبعة برائحة الموت والدم.

دموع-رجل-مسن
دموع رجل مسن

-من المعروف أن مهنة التصوير مهنة البحث عن المتاعب .. فهل تعرضت لمضايقات وقت التصوير ؟


بالطبع لابد للمصور أن يتعرض للمضايقات سواء كانت عن قصد أو عن غير قصد، والتصوير عادةً لا يروق للجميع، ونحن كبَشر قبل أن نكون مصورين، نقدّر وضع الناس العام، من الناس من أصيب بمصيبة فقد البيت أو الأهل أو الأقارب وفى لحظة نقل الصورة أو الشهادة يكون الوضع خطيرا للغاية لأن اللحظات صعبة جدا ومتوقع أي خطر قد يصيب المصور .

وأم-تحاول-صنع-الخبز-لأطفالها
أم تحاول صنع الخبز لأطفالها

-نحن نرى من خلال الصور صعوبة اللحظات التى يعيشها الفلسطينيون وكذلك المصورون، لذا ما أصعب اللحظات التى شاهدتها منذ بداية الحرب وحتى الآن؟


كان الجزء الأكبر هيتعلق بموجات النزوح من مكان لآخر،  فقد كان على  الناس مرات عديدة أن يتركوا أماكنهم وينزحوا لأماكن أخرى، هذا مشهد صعب وقاس جداً يعز على الناس ترك بيوتهم وأراضيهم والذهاب للعيش فى خيمة لا يوجد فيها أدنى مقومات الحياة الأقل من عادية، كان المشهد يشبه القيامة، حيث ترى خوفا وقلقا وتوترا وفقر فى ملامح الناس فصول مركبة من اليأس والعذاب .

طفلة-تحصل-على-صحن-طعام
طفلة تحصل على صحن طعام

-وإذا انتقلنا إلى أهم المشاهد التى وثقتها كاميرتك منذ بدء الحرب على غزة وحتى الآن، فماذا تقول؟


( سردية الجوع ) .. الجوع الذى لاحق و لايزال يلاحق النازحين، صور الأطفال الجائعين أصحاب الأمعاء وأوانى الطهى الخاوية !! صور الأمهات الحزينة اللواتى لم يجدن شيئاً يطبخونه لعوائلهن صور الآباء الذين يبحثون عن الطعام طوال اليوم، ولا يعودون فى أغلب الأوقات إلا بأوانى فارغة !!

أم-تحاول-أطعام-أطفالها-بوسائل-بدائية
أم تحاول أطعام أطفالها بوسائل بدائية

-هناك الكثير من الصور الموجودة داخل بطاقة ذاكرة الكاميرا ترفض أن تخرج ويشاهدها الناس.. فهل فعلت ذلك وأردت الاحتفاظ ببعض الصور لك وحدك؟


طبعاً كانت هناك مشاهد قاسية، مؤلمة .. للناس الجائعة، النازحة، الحزينة، الفاقدة، و المفقودة .. لم أستطع أن أنشرها حفاظا على مشاعر الناس .

الأطفال-يحاولون-أشعال-النار-من-اجل-طهى-الطعام
الأطفال يحاولون أشعال النار من أجل طهى الطعام

تتعرضون للمخاطر بشكل دائما لذا ما معايير الأمان و السلامة التى تطبقها وقت الخطر؟


معايير عادية ومتعارف عليها الابتعاد قدر المستطاع عن أماكن الخطر والدرع الواقى وحسب تقدير الموقف الميدانى.

رجل-مسن-أمام-أنقاض-منزلة
رجل مسن أمام أنقاض منزلة

-وسط كم هذه الأحزان يوجد دائماً بصيص من الأمل والرغبة فى الحياة مهما كان الوضع ومهما كانت الظروف قاسية.. فما هى أهم اللحظات التى وثقت بها الأمل فى غداً؟


على الرغم من كل هذا الحزن كان هناك الكثير من الأمل فى هذه الحرب، فأهم لحظات الأمل تتجلى بعودتك على خيمتك بجالونات الماء وهى ممتلئة، اللحظة التى تملئ فيها أوانى الطعام من التكايا أو مؤسسات الإطعام التى تعمل فى القطاع المشاركة فى نشاط ما فى مدارس و ما إلى ذلك ..أيضا فى لحظات حالمة ابتعد عن الصور المأساوية واطارد لحظات الغروب وابتسامات الاطفال وتصوير شاطئ البحر وتصوير قصص نجاح وسط هذا العذاب

 
الأطفال-يرسمون-الأمل-وسط-الأحزان
الأطفال يرسمون الأمل وسط الأحزان

 

رجل-الصعاب-الأطفال-يمرحون-وسط-الخراب
رغم الصعاب الأطفال يمرحون وسط الخراب

 

-ووسط كم الهائل من الصور التى التقطتها كاميراتك .. ما الصورة التى ترى أنها تعبر عن فلسطين ؟


حقيقاً أرى أن كل صورة فيها فلسطين، لكن بطريقة مختلفة فالفلسطينى جائع، عطشان، حزين، أحياناً سعيد، أحياناً يائس، و أحياناً متفائل، أحيانا غاضب، و أحياناً أخرى يضحك، فالفلسطينى يعيش يومه بكل تفاصيله حتى فى الحرب، الموت فى غزة ليس فجائياً أبداً، لكن الحياة هنا تأتى فجأة، فالصورة التى فيها طفلة تحمل أوانى الطهى فارغة، أو وردة، أو ولد يحمل الحطب، أو فتاة تُشعل النار لتطبخ، والد يبحث عن طعام أبنائه، كل هذه المشاهد تُجسّد فلسطين و الفلسطينى !!

مسن-يحاول-يطعم-أهل-غزة-بوسائل-بدائية-للغاية
مسن يحاول يطعم أهل غزة بوسائل بدائية للغاية

-لكل مصور صورة يحبها وتكون قريبة لقلبه يشعر أنها مختلفة وتحمل الكثير من المعانى، لذا ما أحب الصور التى التقطتها كاميراتك إلى قلبك؟


لا يوجد صورة مفضلة عن صورة، فالصورة التى ألتقطها لطفلة سعيدة تسعدنى، و الصورة التى ألتقطها لطفلة حزينة تؤلمنى .. و كلاهما أحب إلى قلبى !! لكن الصورة الأقرب و الأحب إلى قلبى هى التى تتجلى فيها سعادة الفلسطيني.

طفلة-شعرت-بملل-الانتظار-طابور-الماء
طفلة شعرت بملل الانتظارطابور الماء

-وبين كل الظروف القاسية والحياة المؤلمة فالصورة التى يتم رسمها للشعب الفلسطينى بأنه رمز الصمود القوى.. فكيف تعمل بكل اجتهاد لتنقل صورة الشعب الفلسطينى للعالم أجمع ؟


العالم أجمع كان مغيبًا عن (تفاصيل) السردية الفلسطينية كحالة إنسانية وقضية عادلة، ولابد أن يتم العمل على المساهمة فى إيصال الفكرة حتى لو عن طريق صورة، لأنها تبرز  كما من التفاصيل الإنسانية عن السردية نحتاجها بالفعل، وطالما أنا قادر على نقل صورة الشعب و معاناة الشعب، و مأساة الشعب .. فكان لا بد أن أعمل جاهداً على نقل الصورة، و تدعيم مدى إنسانية السردية عن طريق الصورة، عملت خلال 8 أشهر من الحرب فى رفح و خانيونس و دير البلح و النصيرات، خلال رحلة نزوحى ووثقت الكثير من الصور.

 

أم-تحاول-تصنع-الخبز
أم تحاول تصنع الخبز
طفل-بيده-الطعام-من-داخل-الخيام
طفل بيده الطعام من داخل الخيام

-هل نجحت الصور فى نقل صورة فلسطين للعالم ؟


طبعاً نجحت، لكن ليست بنسبة 100% الفلسطينى مليء بالتفاصيل ..تفاصيل لا ترويها الصور، بل ترويها القلوب لكنها نجحت على الأقل فى إيصال سرديته للعالم، سردية جوعه، عطشه، فقره، قلّة حيلته، غضبه، سعادته رغم حزنه .. نجحت فى إيصال الفكرة العامة، لكن الفكرة الخاصة لا يمتلكها إلا الفلسطينى فى عقله و قلبه، ليس فى صورته !! (إن ألفى قذيفة من كلام، لا تساوى قذيفة واحدة من حديد)
ساهمت بشكل كبير فى تمثيل فلسطين فى معارض دولية كبيرة عربية ودولية وحصلت على لقب سفير الصورة الفلسطينية واطمح للمزيد من أجل أحقاق الحق ...

أم-تحاول-غسل-ملابس-أسرتها-وسط-الانقاض
أم تحاول غسل ملابس أسرتها وسط الانقاض

-ما الرسالة التى تريد توجيهها العالم ؟


أريد من العالم أن ينظر إلى الفلسطينى عامة و الغزى خاصة على أنه (إنسان) قبل أن يكون أى شيء، فالفلسطينى ليس أقل من أى مواطن أوروبى أو أمريكى أو عربي.. الفلسطينى إنسان .. له الحق فى كل شيء .. له الحق هنا بالأرض و هناك بالسماء .. لابد أن يصنع الفلسطينى برزخه الخاص هنا بالأرض .. لا أحد يصنعه له !! لا بد أن يعيش، لا أن تُسلَبَ منه الحياة .. لا بد أن يشعر بإنسانيته .. الذى لم يشعر بها مُطلقاً من قبل .. فهى مسلوبة منه منذ عشرات السنين..

طفلة-حصلت-على-الماء-بعد-طابور-الانتظار
طفلة حصلت على الماء بعد طابور الانتظار

-ووقت الانتهاء من الحرب.. ما أولوياتك وخطواتك الأولى التى تنوى فعلها؟


سأقوم بتصوير كل المناطق التى ضربها الدمار ليكون أرشيف مصور لهذه الكارثة المأساوية التى أحلت على أهل غزة "وللحكاية بقية "










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة