رفع كفاءة الإنفاق العام تبدأ بالتحول إلى الدعم النقدى.. الحوار الوطنى يستعد لعقد جلسات مناقشات بمشاركة الأحزاب والخبراء.. وسياسيون: خطوة مهمة لحوكمة الدعم وضمان وصوله لمستحقيه

الإثنين، 15 يوليو 2024 06:00 ص
رفع كفاءة الإنفاق العام تبدأ بالتحول إلى الدعم النقدى.. الحوار الوطنى يستعد لعقد جلسات مناقشات بمشاركة الأحزاب والخبراء.. وسياسيون: خطوة مهمة لحوكمة الدعم وضمان وصوله لمستحقيه الحوار الوطنى
كتبت -سمر سلامة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

تسعى الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور مصطفي مدبولى نحو مواصلة تطبيق موازنات وخطط البرامج والأداء لتحسين كفاءة الإنفاق العام، وربط المخصصات المالية بتنفيذ أهداف وبرامج محددة، فضلا عن رفع كفاءة وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام لصالح التنمية البشرية والفئات المهمشة والأقل دخلا والطبقة المتوسطة والقطاعات الإنتاجية والتصدير.

وهو الاتجاه الذي يُفسر حرص الحكومة على التحول من الدعم السلعي إلى الدعم النقدي، حيث يستهدف هذا التحول ضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، ومن المقرر أن تشهد الفترة القادمة مناقشات جادة داخل الحوار الوطني حول هذا الملف الذي يمس ملايين الأسر المصرية، وفي هذا السياق استعرض الدكتور سمير صبرى، مقرر لجنة الاستثمار المحلى والخاص والأجنبي بالحوار الوطنى، رؤيته حول التحول من الدعم العيني، إلى "النقدي"، والتي تعد واحدة من الآليات لتقليل الأعباء على الموازنة العامة للدولة، لافتا إلى أن المرحلة الجديدة من الحوار الوطني، فرصة سانحة لمناقشة تلك القضية، وقضايا أخرى عديدة  بطلها المواطن، بهدف إيجاد توافق بين مختلف الفئات والمصلحة العامة، بالإضافة إلي توعية المواطن المصري بأهمية التحول وفوائده المحتملة.
دعوة الأحزاب والخبراء وأساتذة الجامعات لجلسات الحوار
وأشار "صبرى"، إلي إنه سيتم عقد جلسات حوار بدعوة كل الأحزاب السياسية والشخصيات العامة وأساتذة الجامعات والخبراء المتخصصين للنقاش وسماع الآراء المختلفة حول طبيعة الدعم وماهيته وكيفية وصوله إلي مستحقيه في أفضل صورة لرفع الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار والتضخم عن كاهل المواطن وخاصة الطبقات الأكثر احتياجا.
وأوضح الدكتور سمير صبرى، أن الدول اعتمدت الدعم العيني للمواطنين أثناء فترات الاضطراب أو الحروب، قبل أن يتطور هذا النموذج لأن يصبح الدعم جزء منه عيني للحفاظ علي توفر بعض السلع الأساسية للأسر الأكثر احتياجاً، والبعض نقدي في شكل مرتبات شهرية تصل إلي مستحقيها يستطيعوا سد الفجوة في الأسعار المرتفعة.

ولفت مقرر لجنة الاستثمار المحلى والخاص والأجنبي بالحوار الوطنى، في مصر تطور آلية الدعم بشكل كبير وكان يمثل ضغطا كبيرا علي ميزانية الدولة ودائما الإنفاق بأرقام طائلة في دعم الطاقة والكهرباء والمواد البترولية ودعم السلع الغذائية وعلي رأسها رغيف العيش والدعم علي البطاقات التموينية.

وأكد الدكتور سمير صبري، علي أن الهدف من الدعم هو الوقوف بجانب الأسر الأكثر احتياجا حتي تصل للتمكين الاقتصادي والتعليم والحصول علي فرص عمل في ظل وجود استثمارات ومشروعات قومية وانفتاح للقطاع الخاص للاستثمار في كافة قطاعات الاستثمار وتكنولوجيا وسياحة وخدمات، حيث تستطيع هذه الأسر الاستغناء عن الدعم وتكون قادرة علي كسب احتياجاتها والوصول إلي تنمية اقتصادية حقيقية لكل المواطنين.


التحول للدعم النقدي خطوة نحو العدالة الاقتصادية وتخفيف الأعباء عن المواطنين


ومن جانبه قال اللواء دكتور رضا فرحات نائب رئيس حزب المؤتمر أستاذ العلوم السياسية إن قضية التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي تعكس استراتيجية حديثة وفعالة لضمان وصول الدعم لمستحقيه و تحسين كفاءة نظام الدعم لتحقيق قدر أكبر من العدالة الاقتصادية وتخفيف الأعباء عن المواطنين.

وتابع أستاذ العلوم السياسية في تصريح لـ "اليوم السابع"، أن  قضية التحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي إجراء ضروري لتحقيق استفادة أفضل من موارد الدولة بصورة أكثر دقة وكفاءة ولكنه يتطلب تخطيطا دقيقا وتنفيذا محكما لضمان تحقيق الأهداف المرجوة دون أن يكون له آثار سلبية على الأسعار ومعيشة المواطنين.


وأضاف نائب رئيس حزب المؤتمر التحول للدعم النقدي يسهم في تحقيق العدالة الاقتصادية من خلال توفير مبالغ نقدية مباشرة للأفراد، مما يسمح لهم بتحديد أولوياتهم واحتياجاتهم الأساسية بدلا من التقييد بالسلع والخدمات المحددة التي يقدمها الدعم العيني بالإضافة إلى أن الدعم العيني يعاني من مشكلات كبيرة تتعلق بالفاقد و التسريب، حيث لا يصل الدعم بكامله إلى مستحقيه الفعليين و من خلال التحول إلى الدعم النقدي، يمكن تقليل هذه الخسائر بشكل كبير، حيث يتم تحويل الأموال مباشرة إلى حسابات المواطنين، مما يقلل من فرص التلاعب والفساد ويمكن للحكومة من خلال تقديم الدعم النقدي تعزيز كفاءة الإنفاق العام ويقلل من الهدر في الموارد.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلي أن الإجراءات الحمائية والرقابية الشاملة هي السبيل الأمثل لضمان نجاح هذا التحول وتحقيق فوائد مستدامة للاقتصاد والمجتمع  مشيرا إلى أنه بالرغم من الفوائد المتعددة للتحول إلى الدعم النقدي إلا أنه يجب اتخاذ مجموعة من الإجراءات الحمائية لتفادي أي آثار سلبية محتملة لهذا التحول، لا سيما فيما يتعلق بارتفاع الأسعار وأولى هذه الإجراءات تتمثل في وضع آلية دقيقة وشفافة لتحديد المستحقين للدعم النقدي، لضمان وصول الدعم إلى الفئات الأكثر احتياجا دون تلاعب أو استغلال كما ينبغي على الحكومة العمل على تعزيز الرقابة على الأسواق لمنع أي محاولات لرفع الأسعار بشكل غير مبرر مع بدء تطبيق نظام الدعم النقدي ويجب أن تكون هناك إجراءات صارمة ضد المحتكرين والتجار الذين يحاولون استغلال هذا التحول لزيادة أرباحهم على حساب المواطنين.

و شدد أستاذ العلوم السياسية علي أهمية العمل على تثبيت الأسعار الأساسية للسلع الضرورية خلال فترة الانتقال إلى الدعم النقدي، وذلك لتفادي أي تقلبات سعرية قد تؤثر سلباً على معيشة المواطنين بالإضافة إلى ضرورة توفير شبكة أمان اجتماعي قوية تدعم الفئات الأكثر ضعفا خلال هذه الفترة الانتقالية كما أكد فرحات علي أهمية استخدام التكنولوجيا في تنفيذ نظام الدعم النقدي لتسهيل عملية التحويل وضمان وصول الدعم إلى المستحقين بسرعة وكفاءة داعيا إلى ضرورة إنشاء منصات إلكترونية وتطبيقات ذكية تتيح للمواطنين تقديم طلباتهم ومتابعة استحقاقاتهم بكل سهولة ويسر.


التحول للدعم النقدي يتطلب إجراءات تمهيدية


وبدوره قال الدكتور  كريم عادل، رئيس مركز العدل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إن التحول إلى الدعم النقدي بدلاً من السلعي، يتطلب اتخاذ مجموعة من الإجراءات التمهيدية والتدابير الوقائية والتحوطات الاستباقية فضلاً عن اختيار توقيت التطبيق باعتباره العامل الرئيسي في نجاح عملية التحول وضمان استدامتها وذلك قبل الاتجاه إليها بصورة كاملة، مؤكدا أن الحكومة المصرية أمام تحدي جديد بين كيفية تحقيق التوازن بين سياسات ترشيد الدعم وسياسات كبح التضخم.


وأضاف "عادل"، في تصريح لـ "اليوم السابع"، أنه منذ التحرير الأخير لسعر الصرف وفي ظل ارتفاع أسعار المنتجات البترولية والتوقع بالمزيد من الارتفاع فيها، أصبح من الممكن أن يخرج معدل التضخم عن السيطرة ويحيد عن المستهدف منه، وهذا ما أشارت إليه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري في تقريرها الصادر عن اجتماعها الأخير من أن  هناك مخاطر تحيط بمسار التضخم المتوقع، واستقرار أسعار الطاقة في الأجل المتوسط غير مؤكد،الأمر  الذي يجعل قرار التحول إلى الدعم النقدي يحتاج إلى التأني والدراسة والحوار المجتمعي لبحث الإيجابيات والسلبيات وآليات التطبيق والتحسين، بما يحقق المستهدف من الدعم النقدي ووصوله للمستفيدين بصورة متغيرة وليست ثابتة وفقاً لنسب التضخم ومستويات الأسعار، وهو ما يحفظ استقرار أسعار السلع وانضباط السوق.


وشدد الخبير الاقتصادي علي ضرورة التحول التدريجي إلي الدعم النقدي، موضحا أن  التحول السريع  قد يُعرض الاقتصاد إلى صدمة تضخمية كبيرة كونه يتعارض حالياً مع إجراءات السياسة النقدية التقييدية الحالية بالدولة المصرية والتي تعمل على سحب السيولة وتجفيف منابعها بهدف كبح جماح التضخم والسيطرة عليه، وبالتالي فإن منح السيولة إلى أفراد الأسر المصرية المستحقة للدعم وإن كان سيخفف العبء على ميزانية الدولة والمؤسسات المعنية بمنظومة السلع التموينية والرقابة عليها وسيخلق توحيد لأسعار كافة السلع في الأسواق، فلا وجود لسعرين آنذاك ( سعر سلعة تموينية وسعر ذات السلعة في السوق الحر دون دعم )، إلا أن توافر سيولة مع الأفراد وفي دورة الاقتصاد سيخلق طلباً حراً جديداً على السلع الأساسية وسلع وخدمات أخرى بصورة يترتب عليها الزيادة التدريجية في أسعار السلع الأساسية بالأسواق وغيرها ومن ثم ارتفاع معدل التضخم.


وطالب "عادل"،  بدراسة الأثر واتخاذ إجراءات من شأنها الرقابة على الأسواق وقياس مدى توجه الدعم النقدي لمستحقيه ومدى إنفاقه في الأوجه المصروف من أجلها بقياس ومقارنة معدلات الاستهلاك والطلب على السلع السابق دعمها، وأن يكون تطبيق الدعم النقدي بصورة تدريجية ولتكن البداية في المحافظات الصغيرة من حيث التعداد السكاني كمحافظة بورسعيد كما حدث في تطبيق منظومة التأمين الصحي بها، وذلك لدراسة العائد والأثر على السوق والاقتصاد، ومعدل التضخم بوجه خاص، وهو ما يضمن تجنب سلبيات التطبيق والتعميم المطلق.


وشدد الدكتور كريم عادل على أن الهدف الأسمى من  الدعم سواء النقدي أو العيني هو المساهمة في تعزيز الحماية الاجتماعية وتحسين مستوى معيشة الفقراء والتي تصل نسبتهم إلى ٦٥% وفقاً لتقارير الدعم السلعي الحالية، فالدعم هو أحد أهم أدوار الحكومات لخفض تكاليف المعيشة على المواطن البسيط ولذلك يعد أداة اجتماعية بالدرجة الأولى أكثر من كونها أداة اقتصادية تحقق وفر في بنود الموازنة العامة للدولة، مضيفا: من الجيد وجود تجارب دولية سابقة في تطبيق الدعم النقدي المشروط ، بحيث يتم دراستها والاستفادة من إيجابياتها وتدارك سلبياتها كخطوة أساسية في سبيل التخفيف من حدة الفقر ومجابهة صعوبات إجراءات الاصلاح الاقتصادي.

وشدد علي أن  الحل الأمثل في التحول إلى الدعم النقدي وما يضمن وجود منظومة ناجحة له تخضع لمعايير الحوكمة ، هو أن يتمثل الدعم النقدي في صورة كارت مشتريات ومنافذ بيع وتوزيع في صورتها الطبيعية وليست منافذ سلع تموينية بحيث يستطيع مستحق الدعم صرف السلع الأساسية بسعرها في السوق من تلك المنافذ ووجود نظام معلومات مميكن يتم من خلاله إثبات المشتريات وقيمتها والمتبقي له ، وهو ما يمثل تعزيز حقيقي للاقتصاد المصري ويضمن صرف مستحقي الدعم في صورته المستهدفة وتحقق الهدف منه.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة