جابر القرموطى

رهان على «الملكية الشعبية» لاحتواء «كبوة» الخصخصة

الجمعة، 05 ديسمبر 2008 05:38 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وزارة الاستثمار التى جاءت ضمن تشكيل وزارى عام 2004، لم تكن عند غالبية المصريين، خاصة الاقتصاديين، مجرد مسمى جديد أو دمج لوزارات سابقة، فالمصريون توقعوا تغييرا ما فى الشارع الاقتصادى، إلا أن توقعاتهم ذهبت أدراج الرياح بسبب السياسة غير الواضحة للوزارة خلال السنوات الأربع الماضية.

والمتابع بدقة لحال الوزارة فى الفترة المذكورة يجد اندفاعا كبيرا فى البداية لعملية بيع الشركات بأى وسيلة متاحة ثم مرحلة الوسط «2006/2007» والتى شهدت تراجعا نسبيا عن البيع إلى أن وصلنا إلى المرحلة شبه النهائية خلال هذه الأيام بالإعلان عن الصكوك الشعبية التى بموجبها يتملك المصريون أسهما فى شركات القطاع العام، وهو الإعلان الذى شكك كثيرون فى إمكانية جنى ثماره كون الغموض يكتنفه كبرنامج يشهد له البعض بالكفاءة ويقلل الآخرون من مصداقيته حتى بين الوزراء أنفسهم.

وللمرة الأولى نجد الانسجام الوزارى فى حكومة الدكتور أحمد نظيف ضائعا فى ظل تحمل وزارة الاستثمار وحدها مسئولية إقناع الرأى العام بأهمية برنامج الصكوك للجميع وهروب وزارات أخرى من الاضطلاع بمهامها فى هذا الإطار، وللأسف فطن كثيرون إلى هذا الانقسام والعزلة لوزارة الاستثمار، مما انعكس بصورة مباشرة على فقدان نسبى لمصداقية برنامج الصكوك الذى مر هو الآخر بثلاث مراحل، فهو عند طرحه كان محل ترقب وبعد الترقب ساد الهدوء وتحول الهدوء إلى عزوف عن الفكرة الأساسية للبرنامج وعدم الاقتناع به بنسبة كبيرة.

الكبوة
ورغم الثقة الكبيرة فى قدرة الوزير محمود محيى الدين على تحقيق نجاحات عدة فى أى قطاع يتولاه ويتعامل باحتراف مهنى، إن جاز التعبير، مع أى مشاكل اقتصادية أو غيرها، إلا أن هناك اعتقادا عاما بأن كبوة الوزارة الرئيسية تتمثل فى صفقة عمر أفندى التى فازت بها شركة أنوال السعودية بقيمة تتجاوز 500 مليون جنيه بسبب غياب الرؤية الاستراتيجية للقائمين على مثل هذه الصفقات المهمة، وفى مقدمتهم وزارة الاستثمار التى تلقت بالفعل ضربة قوية فى مصداقيتها، لكن غياب الرؤية فى صفقة عمر أفندى قد يكون أقل بكثير مما قد يحدث فى الأشهر القادمة إذا فشلت الوزارة فى تسويق برنامج الصكوك وإقناع الرأى العام بضرورة التجاوب إيجابا مع البرنامج، والسبب أن الوزارة بذلت جهدا خارقا منذ أعلنت برنامج الصكوك وحتى الآن فى كسب ثقة المواطن حتى لا تخسر معركة الصكوك لتلحق بخسارة عمر أفندى لأن ذلك لو حدث سيكون ضربة قاضية لدور الوزارة على الإطلاق.

خروج قطاعات
وثمة ملاحظة لفتت نظرى خلال الأيام الماضية وهى أنه فى الوقت الذى ركزت الوزارة على صكوك الملكية الشعبية خرج رئيس القابضة للصناعات النسيجية محسن الجيلانى ليعلن تقريبا وفاة الصناعة لتتراجع مصر بقوة عن ريادتها لقطاع كان فى الأساس صنعا مصريا خالصا، وهناك تخوفات من إهمال قادم لقطاعات أخرى مهمة، فى الوقت الذى تشحذ الهمم داخل الوزارة لإقناع الرأى العام ببرنامج الصكوك، علما أن المواطن لم يعلن رأيه صراحة فى هذا البرنامج الذى يعتريه الغموض رغم أن الحكومة تؤكد وجود استراتيجية فى طرح الصكوك. ذلك يفرض تساؤلات عدة لماذا غياب استراتيجية واضحة فى قطاع بعينه «الغزل والنسيج» ومحاولة فرضها على قطاع آخر «الصكوك»؟، أليس انهيار صناعة النسيج إهدارا فى الأساس لقيمة معنوية مصرية؟، أليس انهيار الصناعة تشريدا لآلاف العمال وغيابا لموقعنا فى الأسواق العالمية؟، أليس انهيار الصناعة خسارة كبيرة لاستثمارات كانت تضخ فى السابق وللأسف توقفنا عن هذا الضخ منذ منتصف التسعينيات وحتى الآن.

أما التساؤل الأخير فيتعلق ببرنامح الخصخصة الذى يمر بمرحلة دقيقة جدا وهو بحاجة إلى جراح ماهر كون البرنامج خرج عن مساره المعروف بإعلان برنامج الصكوك الشعبية. لكن المؤكد أن محمود محيى الدين نشط جدا لكن هذا النشاط لم يترجم إلى واقع ملموس على الوزارة.

إيجابيات
وحتى تكون الصورة متوازنة ينبغى إعطاء كل ذى حق حقه، فالوزارة دخلت بقوة إلى الصعيد لتحقيق إنجاز ما بعد غياب عقود عن التواجد ودخلت أيضا سيناء لكن بحياء محسوب بسبب طبيعة الاستثمار فى هذه المنطقة وضخت الحكومة دماء جديدة فى عروق مشروعات قديمة كانت من سمات الاقتصاد المصرى وفى المقدمة من ذلك مشروع إحياء مدينة كفر الدوار التى كانت قبلة الصناع فى العالم، واكتسبت ثقة لا بأس بها على المستوى العربى والإقليمى لكن ليس بالدرجة المطلوبة.

وتظل الوزارة من الوزارات المحورية فى تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى التزمت به الدولة عبر حكوماتها المتعاقبة، حيث تهدف الوزارة إلى تنمية الاستثمار فى جميع المجالات مع التنسيق بين مختلف الجهات التى تتولى أمر هذه الاستثمارات، كما للوزارة الدور الرئيسى فى الإدارة والإشراف على إدارة الأصول المملوكة للدولة، وذلك من خلال توفير البيئة المناسبة للاستثمار والقضاء على المعوقات وتشجيع فرص الاستثمار سواء الأجنبى أو المحلى والقيام بالترويج لفرص الاستثمار فى مصر والتعريف بالمجالات التى تستطيع استيعاب فرص الاستثمار وعرض هذه القطاعات عرضا جيدا مع شرح الفوائد المتوقعة وإلغاء أى فكرة سلبية قد تؤخذ عن الاستثمار وإزالة أى فكرة عن المعوقات التى قد تعترض المستثمر الذى يرغب فى إحضار أمواله إلى مصر.

كما تعمل الوزارة على زيادة دور هيئة سوق المال والمؤسسات المالية فى الاستثمار وتحقيق معدلات نمو مرتفعة ومحاولة الثبات رغم المتغيرات الاقتصادية الدولية التى تؤثر بصورة مباشرة على محاولات الاستثمار المصرية. وتعمل الوزارة على الاستفادة من المميزات التى تتمتع بها بيئة الاستثمار فى مصر مثل الموقع الجغرافى والثروة البشرية التى يمكن الاستفادة منها فى سوق العمل والميزات الاقتصادية والتشريعية التى تم إقرارها مؤخرا لتهيئة المناخ المناسب لجذب الاستثمار، وقد قامت الوزارة بتغييرات تشريعية فى محاولة منها لمحاربة البيروقراطية التى كانت تواجه الاستثمار وتعوق المحاولات لزيادة حجم الاستثمارات, وذلك من خلال نظام النافذة الواحدة، وهو ما سهل إجراءات إنشاء الشركات الجديدة وسرعة الحصول على الموافقات اللازمة وتوج ذلك بحصول مصر على مرتبة متقدمة فى التقارير الدولية عن تيسير الأعمال.

كما شهدت مصر الكثير من التطورات فى مجال الاستثمار منها الانضمام كعضو مشارك فى لجنة الاستثمار التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية والتى مقرها باريس، واختيار منتدى الإصلاح الاقتصادى مصر كواحدة من سبع دول فى مجال تطوير مناخ الاستثمار، واحتلال مصر لقمة الدول الأكثر إصلاحا فى تقرير ممارسة الأعمال العام الحالى، وحصول مصر على المركز الأول أفريقيا والثانى عربيا فى مجال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى تقرير الاستثمار العالمى للعام الماضى.

وشهدت فى الوقت نفسه أعداد الشركات الجديدة المنشأة تزايدا كبيرا فى الفترة الأخيرة، حيث لا تلبث أن تطالعنا أخبار الشركات الجديدة أسبوعيا، كما شهدت الشركات القائمة العديد من التوسعات وهذا ما يعنى تطورا كبيرا فى المناخ الاستثمارى فى عهد الوزارة.

لمعلوماتك..
2004 تولى محيى الدين منصب وزير الاستثمار فى حكومة نظيف.
5.5 مليار صافى أرباح قطاع الشركات فى 2008.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة