"العدالة الانتقالية فى العالم العربى" وارتباطها بالشريعة الإسلامية للمستشار عادل ماجد

الجمعة، 12 يوليو 2013 11:23 ص
"العدالة الانتقالية فى العالم العربى" وارتباطها بالشريعة الإسلامية للمستشار عادل ماجد المستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض
(أ.ش.أ)

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نشرت المؤسسة الألمانية للتعاون القانونى الدولى مؤخرا سلسلة إصدارات العدالة الانتقالية فى العالم العربى، للمستشار عادل ماجد نائب رئيس محكمة النقض وخبير القانون الجنائى الدولى، وجاء عنوان الإصدار الأول "معايير تطبيق العدالة الانتقالية فى العالم العربي"، وعنوان الإصدار الثانى "العدالة الانتقالية فى الشريعة الإسلامية".. ويعد الإصداران المتقدمان من أوائل الدراسات المتكاملة حول موضوع العدالة الانتقالية فى العالم العربى، وتطبيقاته فى مصر.

وتتصدى الدراسة الأولى لحقيقة مفهوم العدالة الانتقالية وتطوره التاريخى وتعريفه، وتأصيل جوانبه القانونية، مع الاسترشاد بأفضل الممارسات فى تطبيقه، بهدف الوصول إلى أهم المعايير والهياكل المؤسسية اللازمة لتطبيق آليات العدالة الانتقالية، وهى تحديدا المحاسبة والقصاص وجبر أضرار الضحايا وتخليد ذكراهم وإصلاح مؤسسات الدولة وتطهيرها من المسئولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، تمهيدا لبلوغ المصالحة الوطنية وهى أسمى أهداف العدالة الانتقالية.

وتركز الدراسة على آليات معالجة حالة الانقسام المجتمعى، وتؤكد على أن حماية أمن المواطنين وسلامتهم وصيانة حقوقهم وحرياتهم الدستورية هى مسئولية أساسية تقع على عاتق الدولة ومؤسساتها الأمنية، ولا يمكن إزالة حالة الاحتقان التى يعانى منها المجتمع وبلوغ المصالحة الوطنية بدون معرفة حقيقة ما حدث من تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان ومحاسبة مرتكبيها وفقا للقانون.

ويدعو المؤلف إلى تجنب استغلال مفهوم العدالة الانتقالية لتحقيق مصالح سياسية، وضرورة تنظيم آلياتها وفقا لتشريع متكامل يحيط الإجراءات بسياج من المشروعية القانونية، بحيث ينأى بها عن التحكم والاستبداد ويحيط الشعب بأحكامها وأهدافها، بما يحقق نوعا من التوقع والتنبؤ بإجراءاتها، ويؤكد أنه لكى تحقق العدالة الانتقالية أهدافها فيجب الاضطلاع بها عن طريق هيئة مستقلة ومحايدة للعدالة الانتقالية يساندها قضاء وطنى مستقل، فى إطار من المشروعية وسيادة القانون، بما يعيد ثقة المجتمع فى أجهزة الدولة وقدرتها على إنفاذ القانون.

بينما تتصدى الدراسة الثانية لمفهوم العدالة الانتقالية من منظور الشريعة الإسلامية، وتؤكد على أن مصطلح "العدالة الانتقالية" ليس مفهوما غربيا محضا أو غريبا عن ثقافتنا العربية أو الإسلامية، أو أنه مجرد مصطلح وافد من منظومة حضارية أخرى، بل أن مكوناته الأساسية وآليات تطبيقه تجد معينا لها فى مصادر الشريعة الإسلامية المختلفة، التى تدعو إلى نبذ العنف وتحث على العفو والتسامح والمصالحة، وأن مكونات وأهداف مفهوم العدالة تتفق مع مقاصد الشريعة الإسلامية الداعية إلى القضاء على الفساد والمفسدين، وكذلك مع أهداف السياسة الشرعية على النحو المعرفة به فى دراسات الفقه الإسلامى.

ويدلل المؤلف على أن الشريعة الإسلامية تحوى من المبادئ والقواعد الكلية ما يكفى لحمل فكرة العدالة الانتقالية وتفعيل آلياتها، مثل مبدأ "لا يطل دم فى الإسلام" أى لا يهدر دم فى الإسلام، وقاعدة "لا ضرر ولا ضرار" و"الضرر يُزال". ويضرب العديد من الأمثلة من القرآن والسنة بشأن سياسات العفو والتسامح والإنصاف التى اتبعها الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل مكة عقب فتحها، كما يلقى الضوء على السياسة التى اتبعها المسلمون فى التعامل مع الأمصار المفتوحة، اهتداءً بسياسة الرسول الكريم، والتى تتناسب مع كل مجتمع، وتتفق فى مضمونها مع أهداف العدالة الانتقالية فى صورتها المعاصرة.

كما تستظهر الدراسة دور الأزهر الشريف خلال مرحلة ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير فى إصلاح ذات البين، وتؤكد على حتمية التعويل على الدور الحيوى له - باعتباره أعلى سلطة دينية سنية فى العالم العربى معنية بصناعة ثقافة التسامح – لتحقيق الأهداف المتقدمة.

ويدعو المؤلف علماء الأمة إلى التصدى بالدراسة والتحليل لمفهوم العدالة الانتقالية وما يرتبط به من مفاهيم معاصرة، وإنزال حكم الشرع عليها، وإعمال فقه الأولويات فى تكريس الحوار المجتمعى، وتحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية، ومواجهة الاستبداد ومكافحة الفساد، ارتكازا على البعد الفقهى فى إحياء علوم الدين وتجديدها، طبقا لمذهب أهل السنة والجماعة الذى يجمع بين العقل والنقل ويكشف عن قواعد التأويل المرعية للنصوص الشرعية، بما يسهم فى تطبيقها على نحو يتناسب مع احتياجات المجتمعات العربية والإسلامية، ويساعد على السير قدماً فى مسار التغيير والإصلاح بما يعزز عملية التحول الديمقراطى ويحقق العدالة الاجتماعية، ويدفع بالأمة فى طريق الانطلاق نحو التقدم الحضارى والنهضة الشاملة.












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة