سفير أذربيجان يكتب عن الذكرى الثالثة لاستقلال بلاده: حققنا المستحيل

السبت، 18 أكتوبر 2014 11:10 م
سفير أذربيجان يكتب عن الذكرى الثالثة لاستقلال بلاده: حققنا المستحيل شاهين عبد اللايف سفير أذربيجان بالقاهرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى الثامن عشر من أكتوبر لعام 1991، عُقدت الجلسة التاريخية للمجلس الأعلى لجمهورية أذربيجان، تلك الجلسة، التى عكست تطلعات الشعب الآذرى نحو الحرية التى طال انتظارها، والذى دل عليها الاعتماد بالإجماع للقانون الدستورى "حول استقلال جمهورية أذربيجان".

إن الاختيار الواعى لشعب أذربيجان بالتحرر عن الاتحاد السوفيتى، قد مهد الطريق نحو استعادة استقلال جمهورية أذربيجان، باعتبارها الخليف الشرعى لجمهورية أذربيجان الديمقراطية، التى كانت- رغم قصر فترة وجودها الذى استمر خلال الأعوام من 1918 حتى 1920- أول جمهورية ديمقراطية فى الشرق الأوسط بأسره.

وفى إطار من الأوهام القائمة تحت ضغط المشاكل المتأصلة فى الأيام الأولى لاستقلال أذربيجان، وبدرجة بدت معقولة للغاية، تبنى البعض وجهة النظر التى تشكك فى قدرة أذربيجان على تجاوز المشاكل الجيوبولوتيكية الإقليمية المعقدة بنجاح، وترسيخ الاستقرار الداخلى، وحل قضية الانكماش المالى والاقتصادى، وتجاوز عواقب العدوان الأرمينى.

ولكن مع عودة حيدر علييف للقيادة السياسية استجابةً للنداء الملح لشعبه استطاعت أذربيجان أن تثبت خطأ المشككين فى قدراتها، وأيضا تجاوزها لتحديات الأمن القومى الكبرى، والنجاح فى الحفاظ على الاستقلال، الذى جرى نيله بصعوبة، وذلك من خلال ضمانات الاستقرار السياسى والتطور الديمقراطى وتحقيق الرفاهية والازدهار الاجتماعى، على الرغم من الفترة الزمنية القصيرة للغاية لتلك المرحلة.

وانطلاقا من الإرادة والرغبة الشعبية، وباعتبارها مهمة ذات أولوية، فإن أذربيجان بقيادة حيدر علييف قد مضت فى مسار من التطور الديمقراطى لا رجعة فيه وأخذت فى التكامل فى المحيط الأوروبى الشرقى.

وبالتوازى مع الإصلاحات الديمقراطية، فقد تم قطع خطوات واسعة للتحول الاقتصادى الهائل نحو اقتصاد السوق، وتطوير السياسات الاستراتيجية النفطية الجديدة لأذربيجان، وترتكز السياسات الاستراتيجية النفطية الجديدة إلى الشراكة المستدامة، والمصداقية، والتنوع، والشفافية والمصارحة، والتى بلغت ذروتها بالتوقيع على "عقد القرن"، الذى بلغ قيمته 50 مليار دولار أمريكى، وذلك بين جمهورية أذربيجان وشركات النفط العالمية فى عام 1994.. وحاليا، فإن أذربيجان بخطوط أنابيبها السبعة العاملة للنفط والغاز، تقدم إسهامها الملموس فى توفير الأمن والتنوع لأسواق الطاقة العالمية.

واحتفلت جمهورية أذربيجان هذا العام بمرور20 عاما على توقيع اتفاقية العصر على استخراج النفط والغاز، وخلال هذه المرحلة أذربيجان أحرزت نجاحات كبيرة فى تحقيق استخراج النفط والغاز وفى التوصيل إلى الأسواق الدولية من خلال أنابيب النفط- باكو ونوفوروسيسك (أذربيجان- روسيا) عام 1996، وباكو وسوبسا (أذربيجان- جورجيا) عام 1997 وباكو – تبليسى – جيهان (أذربيجان-جورجيا- تركيا) عام 2006 إلى جانب خطوط أنابيب الغاز التصديرى الرئيسى باكو- تبليسى- أرزروم (أذربيجان-جورجيا-تركيا) عام 2007.

والجدير بالذكر هنا أنه تم وضع الحجر الأساسى لممر الغاز "الجنوبى" فى العشرين من سبتمبر لعام 2014 فى مدينة باكو بمشاركة قادة الدول والحكومات.. وستقوم أذربيجان من خلال هذا المشروع بنقل غازها الطبيعى إلى جورجيا وتركيا ويونان ومنها إلى بلغاريا وألبانيا وإيطاليا والدول الأخرى فى المستقبل.

ونتيجة لعملية الدمقرطة الثابتة والإصلاحات الاقتصادية المتواصلة، والإدارة الحكيمة لعوائد النفط والغاز، فقد تحولت أذربيجان بعد مرور ثلاثة وعشرين عاما من الاستقلال من دولة متلقية للمعونات إلى دولة مانحة، كما تجاوز الاحتياطى النقدى الأجنبى 53 مليار دولار أمريكى ومازال طامحا للزيادة، واستقر الاقتصاد الأذربيجانى فى المركز الـ38 حسب مؤشر التنافسية العالمية فى تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى. وتضع الحكومة نصب أعينها الوصول إلى مرتبة الدول المتطورة فى منتصف عام 2020، باعتباره هدفا واقعيا لتحقيقه. ويكفى أن نذكر أنه خلال الخمس سنوات السابقة فقط استطاعت أذربيجان زيادة الناتج المحلى الإجمالى إلى ثلاثة أضعافه تقريبا، وتقليص معدلات الفقر من 49% فى عام 2003 إلى 5% عام 2014، كما بلغ حساب الميزان الاقتصادى الخارجى 80% من إجمالى اقتصاد منطقة القزوين بأكملها. والأمر الذى أدى إلى تقليل نسبة البطالة إلى 5 بالمئة، كما تم توفير مليون وثلاثمائة ألف فرصة عمل خلال السنوات العشر الماضية.
وفيما يلى بدور أذربيجان فى المحافل الدولية يمكن القول بأن جمهورية أذربيجان عضو فعال فى العديد من المنظمات الإقليمية والدولية، والتى تمتد من منظمة الأمم المتحدة وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامى، إلى منظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومنظمة التعاون الاقتصادى، والمجلس الأوروبى وغيرها.. ولها برنامج خاص بالشراكة الشرقية للاتحاد الأوروبى وبرنامج فردى مع حلف الشمال الأطلسى.. وبالمناسبة، تسلمت أذربيجان رئاسة اللجنة الوزارية للمجلس الأوروبى فى دورتها الـ124 المنعقدة فى السادس من مايو بالعاصمة النمساوية فيينا.. وتستغرق رئاسة أذربيجان للجنة الوزارية 6 شهور اعتبارا من 14 مايو.. وفى كل الأحوال أذربيجان تتطلع دوما نحو السبل التى تزيد من فاعلية هذه المنظمات، وتقدم العديد من المبادرات فى هذا السبيل.

وبعيدا عن هذا الأمر، وعلى ضوء التغيرات الجارية فى المنطقة، فإن أواصر العلاقات التاريخية مع العالم العربى والإسلامى، والتى تتمتع بطبيعة الحال بالأولوية فى إطار السياسة الخارجية لأذربيجان، تفتح أمامنا فرصا جديدة لتعزيز آليات الشراكة القوية مع بلدان المنطقة، ومع مصر على وجه الخصوص.


إن أذربيجان بوصفها دولة عانت احتلال أراضيها، وتهجير مئات الآلاف من مواطنيها بالقوة، لا يمكنها التراجع عن مواقفها الثابتة إزاء الانتهاكات الممنهجة للمعايير الأساسية لقواعد القانون الدولى. وفى هذا الصدد، فإن النزاع بين أرمينيا وأذربيجان مازال مستمرا، ويمثل تهديدا وتحديا خطيرا للسلم والأمن على الصعيدين الإقليمى والدولى، كما يعيق تحقيق التطور الإقليمى بكامل قدراته فى جنوب القزوين. وقد أسفر النزاع عن احتلال حوالى عشرين بالمائة من أراضى أذربيجان، وتحول أكثر من مليون فرد فى البلاد إلى نازح داخلى أو لاجئ. ولم يسلم أثر تاريخى أو ثقافى أذربيجانى، بما فيها المواقع الإسلامية التراثية، من التخريب أو الدمار، كما لم يسلم موقع مقدس من التدنيس فى الأراضى سواء فى الأراضى التى احتلتها أرمينيا أو فى الأراضى الأرمينية نفسها.

ونحن على يقين راسخ بأنه لا يوجد بديل عن السلم والاستقرار والتعاون الإقليمى ذى المنفعة المتبادلة.. ذلك دون المساس بالحقوق المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة، لا سيما تلك المنصوص عليها فى المادة 51، فإن أذربيجان كانت ومازالت ملتزمة بإيجاد تسوية إزاء عملية النزاع، وهى على ثقة بأن هدفها هو وضع حد للاحتلال الأرمينى غير الشرعى واستعادة سيادة ووحدة أراضى أذربيجان.

وينبغى أن تدرك أرمينيا أخيرا أن السياسة الاستفزازية غير المسئولة، التى تنتهجها لتحقيق أغراضها التوسعية، وإبداء مشاعر العداء والكراهية إزاء الدول والشعوب المجاورة لها، والقائمة على أساس التعصب التاريخى والثقافى والعرقى والدينى، لا يمكن لها النجاح.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة