12 مليون معاق خارج حسابات مترو الأنفاق..خطوط المترو مخالفة للمواصفات العالمية فى التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة.. عدم وجود «أسانسير» و«كراسى خاصة» وأبواب مخصصة لركوبهم

الأحد، 14 سبتمبر 2014 10:20 ص
12 مليون معاق خارج حسابات مترو الأنفاق..خطوط المترو مخالفة للمواصفات العالمية فى التعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة.. عدم وجود «أسانسير» و«كراسى خاصة» وأبواب مخصصة لركوبهم خطوط المترو مخالفة للمواصفات العالمية
تحقيق: حسام الشقويرى " نقلاً عن العدد اليومى"

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
30 عاماً مرت على بدء أعمال الهيئة القومية للأنفاق تم خلالها تنفيذ 3 مراحل لمترو الأنفاق، والرابعة تحت الدراسة، دون أن يتم النظر فيما يخص ذوى الاحتياجات الخاصة من ضرورة تقديم خدمات تعينهم على استخدام المترو كوسيلة آمنة لهم، واختزل المسؤولون تلك الخدمات فى أسانسيرات لا تتوافر فى كل المحطات، وسلالم كهربائية لا تصلح إلا للأسوياء دون مراعاة لأى مواصفات دولية يمكن الاسترشاد بها من أجل فئة تمثل %15 من الشعب المصرى.

«إحنا خارج حسابات الدولة ومترو الأنفاق يشهد على كده».. هكذا تحدث إلينا الكابتن عبدالعزيز محمدى أحد أبطال مصر فى رياضة رفع الأثقال للمعاقين، متحدثا عن معاناته هو وزملائه من أصحاب الإعاقة الحركية مع وسائل المواصلات، وبالأخص مترو الأنفاق الذى يفترض أن يكون مجهزا للتعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، بحسب قوله، وبنبرة حزينة يملؤها الأسى وصف الكابتن زيزو تلك المعاناة بأنها حالة من التجاهل التام لأبسط حقوق المعاقين التى كفلها لهم الدستور بالحصول على حياة كريمة، وقال: «هذا هو حالنا ولا يوجد أى مبرر لهذا التجاهل من ناحية المسؤولين، غير أننا مش موجودين على خريطة البلد على العكس من الدول الأجنبية أو حتى العربية التى أصبحت تهتم بحقوق المعاق، وأنا شاهدت ذلك بنفسى أثناء سفرى مع المنتخب فى الخارج، حيث تجد المصاعد المخصصة للمعاقين، وسهولة دخول وخروج الكراسى المتحركة إلى عربات المترو، ووجود أماكن مخصصة لوقوفها وغيرها من وسائل المساعدة، دون أن يحتاج المعاق لأى مساعدة حتى لحظة خروجه من المحطة، انتظارا لركوب وسيلة أخرى أو حتى المشى على الرصيف، لدرجة أنك لا تحتاج لأى فرد يساعدك فى النزول من على الرصيف، فهناك منحنيات خاصة بالنزول مصممة للنزول إلى وسط الشارع، والعبور للرصيف الآخر بمنتهى السهولة».

وتابع الكابتن عبدالعزيز: «فى بلدنا رغم وجود خطين للمترو والثالث شغال وبيكملوه لا يوجد أى تجهيزات حقيقية بحسب المواصفات العالمية، على الرغم من أن الشركات التى تنفذ الخطوط شركات أجنبية، والمفروض أنهم بيطبقوا المعايير الدولية، حتى إن المرحلة الأولى لا يوجد فيها أسانسيرات فى أكثر من محطة، والمرحلة الثانية نفس الطريقة.

وأضافت زميلته صباح سعد التى تعانى من إعاقة حركية وتتحرك بعكازين قائلة: «أصعب شىء فى المترو السلالم، والدخول والخروج من العربات، خاصة على أصحاب العكازات، وهناك حوادث كثيرة تحدث لنا بسبب هذا الموضوع، لأن مش كل المحطات يوجد بها أسانسيرات، وكثير منها لا يعمل ونضطر فى أوقات كثيرة للانتظار حتى يسمح لنا العاملون فى المترو باستخدامها، مؤكدة أن السلالم المتحركة لا يستطيع أصحاب العكازات استخدامها لأنها غير مهيأة لنا فى الاستخدام.

وأشارت صباح إلى أنه توجد مسافة بين عربة المترو والرصيف بحيث يصعب على أصحاب الكراسى الدخول بمفردهم داخل عربات المترو كما يحدث فى الخارج بوضع منحنيات، مثل الوصلات بين العربات، والرصيف بميل معين لتسهيل ركوب أصحاب العكازات، فكثيرا ما يتحرك المترو قبل استطاعتهم الركوب، أو تغلق الأبواب على أرجلهم أو على العكازات.

وبغضب شديد قال خالد عبدالسميع «معاق حركى» كابتن مصر فى سباحة المعاقين: «المعاق غير معترف بأحقيته فى الحصول على تذكرة مخفضة فى المترو من الأصل زى فئات تانية وإحنا أحق منهم أو على الأقل يعاملونا زيهم». وأشار محمد إلى أن المواصفات الخاصة بتوفير الخدمة لذوى الاحتياجات الخاصة داخل محطات المترو التى تطبق فى مصر تختلف تماما عنها فى الخارج، مؤكدا أن ما يحدث ليس له أى علاقة من قريب أو بعيد بتلك المواصفات» موضحا أنه لا يسمح للمعاق فى الخارج بالصعود على السلالم المتحركة نهائيا لخطورة ذلك عليه وتحركه الأساسى بواسطة الأسانسير المخصص للمعاقين حتى وصوله للرصيف، وهذا ما لا يتم توفيره فى محطات المترو عندنا، وحتى فى المحطات التى يوجد بها أسانسير يضطر المعاق إلى النزول على السلالم لأنها لا تصل به حتى الرصيف.

وانتقلت «اليوم السابع» من أصحاب الإعاقة الحركية إلى مكفوفى البصر حيث لا تختلف المعاناة كثيرا، حيث لا يستطيع فاقد البصر التحرك بمفرده فى استخدامه لمترو الأنفاق، خاصة عند النزول أو الطلوع من العربات، بسبب وجود مسافة بينها وبين الرصيف، وكثيرا ما يواجه صعوبات من المواطنين أثناء دخولهم وخروجهم قد تعرضهم لحوادث خطيرة، لعدم وجود ممرات خاصة له، والتى يمكن تحديدها بواسطة بروز معينة بالأرضيات يتم وضعها كمسار يستدل به المعاق بصريا على طريقه إلى عربات المترو بواسطة العصا، دون الحاجة لانتظار المساعدة وكلمة «خدنى فى إيدك لو سمحت».

على باب محطة الشهداء انتظر مجدى السيد مدرس- كفيف- ما يزيد على الـ10 دقائق لكى يأخذ أحد بيده نزولا إلى المحطة، فالوقت فى ساعة الذروة والكل يتحرك بسرعة خاصة المسافرين للحاق بميعاد القطار نزلت معه وبادرنى بالشكر قائلا: «مش هعطلك»، وبمجرد معرفته بعملى وأسباب تواجدى فى تلك الفترة بالمحطة قال: «فى مثل هذه الأوقات لابد أن أستعين بأحد ولا أعتمد على العصا، لأن الناس بتتحرك بسرعة، ولا تلتفت إلى إعاقتى، والأسانسير لازم أنتظره لحد ما يطلع فيه حد، ده لو كان شغال»، لأنه بيشتغل بحسب مزاج العمال فى المترو»، وتابع مجدى: «لا يوجد أى إشارات فى الأرض ممكن ترشدنى لو مشيت عليها بالعصاية، ولا توجد عربات مخصصة للمعاقين، وأصعب شىء عند النزول والطلوع وسط الناس، ولازم حد يساعدنى علشان الباب بيقفل بسرعة، وفيه مسافة بين الرصيف والعربيات»، مضيفا: السلالم المتحركة مشاكلها كثيرة بالنسبة لفاقدى البصر، ومن الصعب استخدامها إلا بمساعدة الآخرين، ولو قدر الله واختل توازنى وأنا واقف عليها بعد وصولها للرصيف ممكن الأمر يتطور إلى مرحلة الوقوع والإصابة، والسلالم كلها مصنوعة من المعدن.

من ناحيتها أكدت دكتورة مريم سيد، رئيس الوحدة النفسية لتعديل السلوك بالمعهد القومى للجهاز الحركى والعصبى بإمبابة «شلل الأطفال» سابقا، أن الأطفال قبل الكبار من ذوى الإعاقة الحركية هم الأشد تأثرا بعدم وجود معينات خاصة لخدمتهم أثناء استخدامهم المترو من مصاعد وممرات خاصة وأماكن لكراسيهم المتحركة داخل العربات، وغيرها من المواصفات الخاصة التى يجب إعدادها بالمترو، مما يتسبب فى معاناة كبيرة لهم ولأسرهم، ويتسبب أيضا فى مشاكل نفسية لديهم، باعتبار أن المترو هو الوسيلة الأسرع والأرخص بالنسبة لهم، فى ظل حالة التكدس المرورى، وصعوبة ركوب الأتوبيسات سواء بالعكاز أو الكرسى المتحرك، كما طالبت بضرورة مراعاة تلك الاحتياجات، وأشارت إلى أنه توجد حالات كثيرة من الأطفال المعاقين الذين لا يستطيعون الحصول على خدمات المعهد، بسبب صعوبة الوصول إليه من قلة وسائل المواصلات الخاصة بهم، وكثير من أسرهم لا يستطيعون توفير وسائل نقل خاصة لارتفاع تكلفتها الاقتصادية عليهم، بالإضافة لمصاريف العلاج.

ويستكمل إبراهيم أمين رئيس مجلس إدارة جمعية رعاية المعاقين بإمبابة الحديث، مطالبا الجهات المسؤولة بضرورة مراعاة احتياجات المعاقين داخل المترو، كما يحدث فى الخارج، خاصة فيما يتعلق بأماكن الكراسى المتحركة داخل عربات المترو، وممرات خاصة بانحدارات معينة تسمح بمرور الكراسى المتحركة عليها حتى الوصول إلى رصيف المترو، لافتا إلى ضرورة وجود وصلات تسمح بصعود الكراسى إلى داخل رصيف المحطة، وهى عبارة عن أماكن مخصصة بزوايا ميل معينة لا تسمح بوقوع الكرسى، وتسهل مروره، إلى جانب وجود أسانسيرات خاصة للمعاقين، بالإضافة إلى عمل كارنيهات خاصة لهم للحصول على نسبة تخفيض من ثمن التذكرة، باعتبارهم الأولى بالرعاية والدعم.
وفى مبادرة لإيجاد حلول عملية من شأنها رفع المعاناة عن ذوى الاحتياجات الخاصة أثناء ركوبهم مترو الأنفاق، باعتباره الوسيلة الأمثل والأرخص لانتقالاتهم، جدد المهندس شريف البربرى الناشط فى مجال رعاية ذوى الاحتياجات الخاصة الدعوة إلى المسؤولين عن مترو الأنفاق بضرورة مراعاة المواصفات العالمية لخدمات المعاقين داخل المترو، وخاصة مع بدء انطلاق المرحلة الثالثة والتجهيز للمرحلة الرابعة، إلا أنه فوجئ بعدم وجود رد حقيقى من المسؤولين بالجهاز، والاكتفاء بالرد المعسول، وأنه يوجد بالفعل أسانسيرات خاصة للمعاقين وسلالم متحركة، وكشفت هذه الإجابة بدورها عن عدم وجود أى تخطيط خاص بالمعاقين فى المرحلة الجديدة، وبدوره لم يكتف البربرى بهذه النتيجة وتواصل مع الشركة اليابانية المشاركة فى الإشراف على تنفيذ المرحلة الثالثة، وكذلك الجهة المانحة عن طريق موقعها على الإنترنت للاستفسار عن وجود تصميمات خاصة بخدمات المعاقين بالمرحلة الجديدة من عدمها، وأفادوه بأنه سيكون له ميعاد لشرح وجهة نظره مع الممثلين للشركة بمصر فى أقرب وقت ممكن، وبعد عدة شهور جاءه الرد بتحديد موعد للمقابلة مع أحد المسؤولين بمكتب الجهة المانحة فى مصر، والذى كان رده بمثابة مفاجأة كبيرة، حيث قال: «لسنا مسؤولين عن التخطيط التنفيذى للمشروع، نحن جهة مانحة فقط، والموضوع فى يد مستشار هيئة مترو الأنفاق للشؤون الفنية، ويمكنك التواصل معه».

وأضاف البربرى: كان هذا الرد بمثابة المفاجأة لى عندما علمت بأن الجهة اليابانية المانحة لم تهتم بأى حال من الأحوال بالتخطيط المسبق للمشروع، ولم تهتم بشأن المواصفات الخاصة بالمعاقين، لأننا فى نظرهم من أبناء العالم الثالث، واعتقادى بأنه لو حدث ذلك الأمر فى بلادهم فسوف يكون هناك حساب عسير لهذا الإهمال، وإذا كنا نحن لم نهتم بتوفير أبسط الحقوق لإخواننا من ذوى الاحتياجات الخاصة بتطبيق تلك المواصفات فكيف لنا بمساءلة المتبرعين، ولكننى كلى ثقة فى الشعب اليابانى من دافعى الضرائب الذين يمولون تلك المشاريع فى البلدان النامية بأنهم لن يسمحوا بدفع تلك الأموال لحكومات تغفل حق المعاقين، ولن يتركوا أيضا أموالهم فى يد أناس غير راغبين فى تقديم يد العون لهذه الفئة حتى ولو كانت شركة يابانية.

وطالب البربرى الحكومة المصرية بالنظر فى هذا الأمر من جديد، كما أوضح أنه لديه الكثير من الحلول العملية التى يمكن تطبيقها بأقل النفقات، لمعالجة النقص فى تطبيق المواصفات القياسية الخاصة بخدمات المعاقين، سواء فى المراحل المتقدمة من عمل المترو أو السابقة، كما ناشد كليات الهندسة بتخصيص مشاريع التخرج لمثل هذه الأمور لإيجاد بدائل وحلول عملية لهذه المشكلة.












مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة