العلاقات "المصرية – الأمريكية".. دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات تكشف استراتيجية تعزيز الشراكة الأمريكية الأفريقية.. وتؤكد على الجهود المصرية فى تحقيق الأمن والاستقرار فى عدد من دول الصراع بالقارة السمراء

الجمعة، 16 ديسمبر 2022 05:00 ص
العلاقات "المصرية – الأمريكية".. دراسة للمركز المصرى للفكر والدراسات تكشف استراتيجية تعزيز الشراكة الأمريكية الأفريقية.. وتؤكد على الجهود المصرية فى تحقيق الأمن والاستقرار فى عدد من دول الصراع بالقارة السمراء القمة الأمريكية - الأفريقية
كتب محمود العمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

عملت مصر على تعزيز دورها الرائد في أفريقيا في إطار استراتيجية الانخراط الكامل والتعاون مع الدول الأفريقية، وذلك لما تمثله العلاقات المصرية الأفريقية من أهمية للأمن القومي المصري. حيث ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية مع كافة الدول الأفريقية، خاصة دول حوض النيل ومنطقة القرن الأفريقي، وتعزيز التبادل التجاري مع الدول الأفريقية. وقدمت مصر رؤية مشتركة لدعم وتمويل القارة الأفريقية خلال جائحة كورونا، ودعت الشركاء الدوليين إلى توفير التمويل المستدام لسد الاحتياجات الصحية للدول الأفريقية.

 

وكشفت دراسة للمركز المصري للفكر والدراسات عن الجهود المصرية لم تقتصر فقط على المساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار في عدد من دول الصراع بالقارة، مثل مالي وليبيا والصومال وجنوب السودان، بل تتعداها إلى تحقيق الأمن القاري بشكل شامل عبر مبادرة إسكات البنادق، وتقديم تدريبات موسعة لقوات مكافحة الإرهاب، وتوظيف القوى الناعمة والتعزيز الفعلي لشعار “حلول أفريقية للمشكلات الأفريقية” وتبني دبلوماسية هادئة إزاء مشكلات كثيرة تضرب القارة وتهدد أحيانًا مصالح الدولة المصرية، وتفادي أية تصعيدات في الأزمات الأفريقية – الأفريقية.

 

وأوضحت الدراسة أن دور مصر الرائد في القارة الأفريقية اتضح أيضًا خلال قمة المناخ COP27 بشرم الشيخ، وسعي الولايات المتحدة إلى مواصلة تعاونها الوثيق مع مصر بشأن المبادرات التي تم إطلاقها في المؤتمر والتي لها تأثير في مختلف أنحاء القارة الأفريقية. ويشمل ذلك مساهمة الولايات المتحدة بـ25 مليون دولار في مبادرة الاتحاد الأفريقي الرائدة لتسريع التكيف في أفريقيا والتي تستضيفها مصر لإطلاق برنامج تسريع الأمن الغذائى الخاص بالمبادرة، والذي سيعمل بشكل كبير على تسريع استثمارات القطاع الخاص في تكيف الأمن الغذائي مع المناخ في أفريقيا وتوسيع نطاقها، بالإضافة إلى إطلاق مصر مركز القاهرة للتعلم والتميز حول التكيف والصمود، والذي سيبني القدرة على التكيف في مختلف أنحاء القارة الأفريقية، وساهمت الولايات المتحدة بـ10 ملايين دولار في هذه المبادرة التي تقودها مصر والتي تهدف إلى دعم القارة بأكملها لزيادة قدرتها على معالجة آثار تغير المناخ، ومواصلة العمل مع مصر لتعزيز المصالح المشتركة وتحسين أوضاع السكان الأفارقة.

وعلى هذا، يحظى التعاون المصري الأمريكي حول قضايا القارة الأفريقية بأهمية كبيرة للولايات المتحدة لعدد من الأسباب:

تعزيز النفوذ الأمريكي: تعد القمة الأمريكية الأفريقية واحدة من أهم أولويات السياسة الخارجية لبايدن للعام الثاني في منصبه، إذ تم دعوة أكثر من 40 رئيس دولة، ومن المتوقع أن يأتي حوالي ألف مسؤول أفريقي إلى واشنطن لحضور القمة. وهي تمثل فرصة للرئيس الأمريكي للقاء العديد من رؤساء الدول والتصدي لشكاوى طويلة الأمد من المسؤولين الأفارقة من أن بلدانهم تحصل على اهتمام ضئيل في السياسة الخارجية الأمريكية، مقارنة بالحلفاء الأوروبيين أو في الشرق الأوسط أو الصين. وفرصة أيضًا للتحول عن نهج إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، والتي تركزت فقط على مشاركة الولايات المتحدة في القارة حول مكافحة نفوذ الصين واستثماراتها.

 

وفي هذا السياق، انتقد رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوسا الولايات المتحدة؛ لضغطها على دول أخرى لوقف الشراكة مع شركة الاتصالات الصينية “هواوي” في استثمارات شبكات الجيل الخامس. وقال رامافوسا في مؤتمر صناعي عام 2019: “إنهم يشعرون بالغيرة من أن شركة صينية تدعى هواوي قد تفوقت عليهم. ولأنهم قد تم تجاوزهم، يجب عليهم الآن معاقبة تلك الشركة الواحدة واستخدامها كبيدق في المعركة التي يخوضونها مع الصين”.

 

تداعيات الحرب الأوكرانية على أفريقيا: يأتي توقيت انعقاد القمة في أصعب اللحظات التي يمر بها الاقتصاد العالمي وتباطؤ النمو بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتعطل سلاسل الإمداد والتوريد حول العالم. فقد أدان الاتحاد الأفريقي “الغزو الروسي”، لكن العديد من الدول في القارة حاولت أن تظل “محايدة”، لأن لديها علاقات طويلة الأمد مع روسيا والولايات المتحدة، وتعتمد على المساعدة من كليهما. وقد ظهر ذلك في الأمم المتحدة، إذ قرر العديد من الدول الأفريقية الامتناع عن التصويت لصالح المبادرات التي تدعمها الولايات المتحدة بشأن أوكرانيا، رغم الضغط الذي تمارسه إدارة بايدن؛ إذ يعارض القادة الأفارقة فكرة معاقبة روسيا، أو الإصرار على أن كييف يجب أن توافق على أي حل. خاصة أن بعض البلدان الأفريقية تستورد ما يصل إلى 80% من القمح من روسيا وأوكرانيا.

 

ومع ذلك، فإن إدارة بايدن لديها فرصة لاستمالة الدعم من الدول الأفريقية، التي تضررت من عواقب الحرب في أوكرانيا، وخصوصًا نقص القمح، واضطراب الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار الأسمدة والوقود. ومساهمة الحرب في تغذية السوق السوداء في أفريقيا بالأسلحة؛ فتداعيات الحرب خلقت تقلبات وثغرات أمنية في أفريقيا، تتسرب عبرها الأسلحة في إمدادات تزود التنظيمات الإرهابية باحتياجاتها خصوصًا في منطقة الساحل التي تمتلك منافذ على أوروبا وتمنحها عبورا آمنا للعتاد والذخيرة.

 

احتواء نفوذ القوى الأخرى: تسعى إدارة بايدن إلى التأكيد على “مبدأ الشراكة” في تفاعلها مع الدول الأفريقية، ما يسلط الضوء على ما يمكن أن تقدمه واشنطن وسط المنافسة العالمية العميقة على النفوذ مع القوى العالمية الأخرى، وعلى رأسها الصين وروسيا، لاسيما في الأعمال التجارية؛ وذلك لضمان الاستقرار وتعزيز مصالحها الخاصة فيما يتعلق بتغير المناخ والطاقة. وتحرص إدارة بايدن على الإشارة إلى أنها لا تطلب من القادة الأفارقة الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن في نفس الوقت فإنها تشير إلى المزايا التي تقدمها واشنطن.

 

وبالتالي، تأتي القمة في سياق التنافس الدولي من جانب القوى الكبرى على بناء وتقوية الشراكات الاقتصادية والسياسية والأمنية مع القارة الأفريقية، وهو ما انعكس على الدور الصيني في أفريقيا، والذي يؤثر على المصالح الأمريكية؛ فالصين تعقد منتدى “التعاون الصيني الأفريقي” كل ثلاث سنوات منذ عام 2000، ويُنظر إليه على أنه وسيلة مهمة لتعزيز المصالح الدبلوماسية والتجارية الصينية، في حين أن القمة الأمريكية- الأفريقية تعد الثانية، بعد قمة أولى عقدت عام 2014.

 

وفي العقود الأخيرة، كثفت الصين استثماراتها بشكل كبير في أفريقيا، بما في ذلك من خلال تمويل مشاريع البنية التحتية الضخمة وزيادة المشاركة السياسية، رغم تحذيرات واشنطن من أن بعض هذه المشاريع ترقى إلى “دبلوماسية فخ الديون”. ووسعت الصين على مدى السنوات الماضية بصمتها الاقتصادية والدبلوماسية في أفريقيا، وأصبحت الصين أكبر شريك تجاري ثنائي الاتجاه لأفريقيا، حيث بلغت قيمة تلك الشراكة العام الماضي 254 مليار دولار. في حين أقامت روسيا، شراكات عسكرية جديدة مع العديد من الدول الأفريقية لإضعاف نفوذ القوى الغربية هناك.

 

البعد الاستراتيجي لأفريقيا في الأمن القومي الأمريكى: ترى استراتيجية الأمن القومي الأمريكي الصادرة في أكتوبر 2022 أن الحكومات والمؤسسات والشعوب في أفريقيا تعد قوة جيوسياسية رئيسة، وهي قوة ستلعب دورًا حاسمًا في مواجهة التحديات العالمية في العقد القادم؛ فقد أصبحت أفريقيا أكثر ديناميكية وتعليمًا وتواصلًا من أي وقت مضى. وتشكل الدول الأفريقية أحد أكبر مجموعات التصويت الإقليمية في الأمم المتحدة، ويقود بعض مواطنيها المؤسسات الدولية الكبرى، ويجب أن تتكيف العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا لتعكس الدور الجيوسياسي المهم الذي تلعبه الدول الأفريقية على مستوى العالم.

 

وتعزيز المصالح القومية الأمريكية، ليس فقط مع الدول الأفريقية، ولكن أيضًا مع الهيئات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي، والحكومات المحلية، والمجتمع المدني، والقطاع الخاص ومجتمعات الشتات. والاستثمار في أكبر دول المنطقة، مثل نيجيريا وكينيا وجنوب أفريقيا، مع تعميق العلاقات مع الدول المتوسطة والصغيرة. بالإضافة إلى دعم الجهود التي تقودها أفريقيا للعمل على إيجاد حلول سياسية للنزاعات المكلفة، وزيادة النشاط الإرهابي، والأزمات الإنسانية، مثل تلك الموجودة في الكاميرون، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، وإثيوبيا، وموزمبيق، ونيجيريا، والصومال، ومنطقة الساحل.

 

وفيما يتعلق بمكافحة الإرهاب، أكدت الاستراتيجية أنها ستقوم بإعاقة وتقليل التهديدات الإرهابية ضد الولايات المتحدة، والعمل على معالجة الأسباب الجذرية للإرهاب؛ عن طريق مكافحة الفساد، وتعزيز المساءلة والعدالة، والاستثمار في التنمية الاقتصادية الشاملة، وتعزيز حقوق الإنسان، وكذلك التصدي للآثار المزعزعة للاستقرار المتمثلة في مجموعة فاجنر المدعومة من روسيا. ولم تركز الولايات المتحدة في وجودها العسكري في أفريقيا على محاربة الإرهاب فقط، بل كانت تقوم من خلال الجيش بأنشطة أخرى لتحقيق وتعزيز المصالح الأمريكية في فترة الكوارث الطبيعية والأوبئة.

 

 

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة