مساع إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية عبر سلخ الدولة المنشودة من أركانها.. دعوات التهجير لتجريد فلسطين من شعبها.. فصل غزة عن "حل الدولتين" يحرمها من الأرض.. والانقسام أهم أدواتها لتقويض الشرعية الدولية

الأربعاء، 08 نوفمبر 2023 03:30 م
مساع إسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية عبر سلخ الدولة المنشودة من أركانها.. دعوات التهجير لتجريد فلسطين من شعبها.. فصل غزة عن "حل الدولتين" يحرمها من الأرض.. والانقسام أهم أدواتها لتقويض الشرعية الدولية قطاع غزة
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على الرغم من تواتر الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، إلا أن العدوان هذه المرة يحمل طبيعة مختلفة، لا تقتصر على الوحشية غير المسبوقة، والتي حولت القطاع إلى أكوام من رماد، بينما استهدف العنف  آلاف المدنيين، ومنشآتهم، سواء المساكن، أو المستشفيات أو دور العبادة، وإنما تمتد إلى طبيعة الهدف، من وراء القصف الوحشي، والذي تجاوز مجرد الانتقام، من أحداث "طوفان الأقصى"، إلى السعي نحو تصفية القضية الفلسطينية برمتها، عبر تقويض حل الدولتين، وفي القلب منه تأسيس الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو، وعاصمتها القدس الشرقية، وهو ما يبدو في العديد من المسارات المتزامنة التي يتبناها الاحتلال، أبرزها تكثيف الهجمات، ومحاولته منع دخول المساعدات، جنبا إلى جنب مع الدعوات التي تطلقها السلطات الإسرائيلية بين الحين والآخر.
 
فلو نظرنا إلى المسار العدواني المكثف، في أعقاب "طوفان الأقصى"، نجد أنه تزامن مع دعوة إسرائيلية بتهجير سكان القطاع إلى دول الجوار، فيما يمثل محاولة صريحة لتجريد فلسطين من الفلسطينيين، وبالتالي تقويض أحد أهم أركان الدولة المنشودة، وهو الشعب، بينما تحمل الدعوة المشبوهة في الوقت نفسه أهداف أخرى، أبرزها "إعادة تدوير" الفوضى مجددا في دول المنطقة، وزرع بذور الانقسام بين المواطن الفلسطيني وجيرانه، وهو ما يساهم في زعزعة "المركزية" التي تحظى بها القضية في جوارها الإقليمي، بل وتجريد فلسطين من حلفائها، وهو ما يعني تقويض القضية، وإنهاء أي أمل حول تأسيس الدولة المنشودة، وهو ما يفسر تكثيف الاعتداءات على المدنيين في غزة لإجبارهم على هجرها.
 
دعوات التهجير التي أطلقتها إسرائيل، شهدت رفضا صريحا من قبل الدولة المصرية، والتي نجحت في حشد توافق دولي، في هذا الإطار، وهو ما بدا خلال قمة "القاهرة للسلام"، والتي عقدت في 21 أكتوبر الماضي، بالإضافة إلى اللقاءات الثنائية التي عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع قادة وزعماء العالم، وهو ما ساهم في بناء "غطاء" من الحماية لصمود أهل غزة، الذين أعربوا عن رفضهم لفكرة ترك أراضيهم، ليس فقط عبر الرفض الرسمي لدعوات التهجير، وإنما أيضا من خلال التخفيف من آثار العدوان، عبر الإصرار على مرور المساعدات الإنسانية للقطاع من جانب، والضغط على سلطات الاحتلال للتوقف عن قصف المستشفيات، والذي اعتبرته الدولة المصرية شرطا للسماح بعبور الأجانب ومزدوجي الجنسية من القطاع من جانب آخر، في حين حرصت على نقل الفلسطينيين المصابين لتلقي العلاج على أراضيها، من جانب ثالث.
 
الفشل الإسرائيلي في ترويج دعاية التهجير، ربما دفعها نحو الإعلان عن دعوة جديدة، تتمثل في فصل قطاع غزة، عن حل الدولتين، تحت ذريعة سيطرة الفصائل الفلسطينية عليه، وهو ما يمثل محاولة أخرى من قبل الدولة العبرية، لتحقيق أكبر قدر من المكاسب السياسية من رحم العدوان الذي تشنه قواتها على القطاع، عبر تصفية القضية، وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم، حيث يمثل خروج غزة من المعادلة الفلسطينية بمثابة "النهاية" للقضية، في ضوء العديد من المعطيات، أولها سيطرة المستوطنات الإسرائيلية على معظم مساحة الضفة الغربية من جانب، وكذلك سيطرة الاحتلال على القدس، حرمان الفلسطينيين المقيمين بها من أي حقوق، من جانب آخر، وبالتالي لن تكون هناك مساحة من الأرض لبناء الدولة المنشودة.
 
ولعل حالة الانقسام الفلسطيني، بمثابة "نقطة الضعف" الذي تسعى سلطات الاحتلال الضغط عليه في اللحظة الراهنة، لتجريد فلسطين من أرضها، إلى جانب مساعيها لتجريدها من شعبها، بينما تبقى السلطة في الدولة المنشودة محل صراع، وهو ما يعني أن الدولة المنشودة قد حرمت من أركانها الثلاثة المؤسسة لأي دولة (الشعب والأرض والسلطة).
 
وتعد المصالحة الفلسطينية أحد أهم مرتكزات الدولة المصرية منذ اندلاعها، حيث عقدت العديد من اللقاءات مع الأطراف المتنازعة، بينما فتحت الباب أمام حوار فلسطيني خالص في يوليو الماضي، في مدينة العلمين الجديدة، وذلك إدراكا منها بأهمية إنهاء الانقسام، انتصارا للقضية الفلسطينية، وحفاظا على فرصة الفلسطينيين في تحقيق حلم الدولة المستقلة ذات السيادة في المستقبل القريب.
 









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة