"ثنائية" القاهرة - باريس نموذج للتكامل فى الأدوار لمجابهة الأزمات.. مؤتمر باريس للمساعدات الإنسانية يستكمل ما بدأته قمة القاهرة للسلام.. ومصر تنجح فى استثمار شراكاتها لتدشين الاستقرار فى عالم مدجج بالأزمات

الخميس، 09 نوفمبر 2023 05:00 م
"ثنائية" القاهرة - باريس نموذج للتكامل فى الأدوار لمجابهة الأزمات.. مؤتمر باريس للمساعدات الإنسانية يستكمل ما بدأته قمة القاهرة للسلام.. ومصر تنجح فى استثمار شراكاتها لتدشين الاستقرار فى عالم مدجج بالأزمات قمة القاهرة للسلام
بيشوى رمزى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تبدو الشراكات الدولية والإقليمية أهم ما ارتكزت عليه الدبلوماسية المصرية، في السنوات الأخيرة، في إطار تحولات دولية عميقة، تغيرت فيها مفاهيم "التحالف" التقليدية والقائمة على التطابق في وجهات النظر تجاه كافة القضايا، وهو النهج الذي ساد إبان الحرب الباردة، وما بعدها خلال حقبة "الأحادية" المطلقة، في إطار نظرية "المعسكرات، نحو منطلق دولي معتمدا على "الشراكة"، التي تقبل الخلافات، بينما تعمل من خلالها الدول على تعظيم المشتركات، بما يحقق قدرا من التكامل الدولي، ليس فقط من منظور اقتصادي، وإنما أيضا من حيث الأدوار التي يمكن أن تقوم بها الدول على المستوى الفردى، أو جمعيا عبر المنظمات الدولية والإقليمية.
 
النهج المصري القائم على "الشراكة"، تجلى في العديد من "الثلاثيات"، التي أرستها الدولة المصرية في السنوات الماضية، سواء على المستوى الاقليمي، على غرار "ثلاثية" مصر والأردن والعراق، أو على النطاق الدولي الأوسع، كما هو الحال بشراكتها مع اليونان وقبرص، وهي الشراكات التي شهدت توسعا تدريجيا، لتشمل دولا أخرى، وهو ما يبدو في مؤتمر بغداد، والذي يمثل "ثمرة" الأولى، أو منتدى غاز شرق المتوسط، والذي يعد نتيجة مباشرة للثانية، وهو ما اسهم في تخفيف قدر من الاستقرار الاقليمي، في الشرق الأوسط في مواجهة أزمات متواترة ومستعصية، في حين عملت على تعزيز علاقاتها الثنائية مع القوى الدولية والإقليمية عبر مواقفها المتزنة، وهو ما يبدو على سبيل المثال في ثنائية "القاهرة - باريس".
 
فلو نظرنا إلى ثنائية "القاهرة - باريس"، نجد أنها تمثل نموذجا مهما لحالة التكامل في الأدوار التي تسعى الدولة المصرية إلى تعزيزها، في إطار التعامل مع العديد من القضايا والأزمات الدولية، في ضوء معطيات دولية تتجسد في عدم قدرة دولة واحدة على مجابهة التحديات الجديدة، بالإضافة إلى إرهاصات مرتبطة بالأزمات المستحدثة، والتي تتسم بتمددها الجغرافي وامتدادها الزمني، وهو ما بدا في الوباء وكذلك التغيرات المناخية، ناهيك عن الصراع في أوكرانيا وما يحمله من تداعيات عميقة، لتأتي أزمة غزة الراهنة لتزداد الحاجة الملحة لتحقيق أكبر قدر من التكامل.
 
ولعل الخطوة التي اتخذتها فرنسا بتنظيم مؤتمر حول المساعدات الإنسانية في غزة، أحد أبرز علامات التكامل في الأدوار، في ظل الشراكة القوية التي خلقتها الدولة المصرية مع باريس في السنوات الأخيرة، خاصة وأن المؤتمر جاء بعد أسابيع قليلة من انعقاد قمة "القاهرة للسلام"، والتي عقدت بناء على دعوة مصر، في 21 أكتوبر الماضي بالعاصمة الإدارية الجديدة، لتحقيق توافق دولي حول ثوابت القضية الفلسطينية، ودحض محاولات تصفيتها، باعتبارها أولوية قصوى في الرؤية المصرية، ناهيك عن تعزيز الجانب الانسانية، عبر الضغط على الاحتلال لتمريرها.
 
وبالنظر إلى توقيت انعقاد مؤتمر باريس، في أعقاب قمة القاهرة، والهدف المتجسد في تعزيز المساعدات لسكان غزة، نجد أن ثمة حالة ملفتة من التكامل، فالقاهرة وضعت على عاتقها إضفاء حماية دولية للقضية الفلسطينية، ولم تتخلى بالطبع عن الجانب الإنساني المتمثل فى مرور المساعدات، بينما حملت باريس مسؤولية حشد المساعدات الدولية لسكان القطاع، بالإضافة إلى تأكيد موقفها الثابت من "حل الدولتين"، والقائم على تأسيس دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية.
 
التكامل بين قمة القاهرة ومؤتمر باريس يمثل امتدادا للعديد من المواقف السابقة، ربما أبرزها مكافحة الارهاب، والتي استلهمت فيها فرنسا التجربة المصرية من جانب، بالإضافة إلى الشأن المناخي، في ضوء ما تحقق خلال استضافة الدولتين للقمم المناخية، حيث حققتا نتائج مكملة لبعضها، عبر عبر اتفاقية باريس المناخية، والتي وقعت في ديسمبر 2015، والتي ارتبطت بتخفيف الانبعاثات، بينما جاء صندوق الخسائر والأضرار الذي دشنته قمة شرم الشيخ الأخيرة، بمثابة مكملا مهما لها، عبر لتوفير التمويل  اللازم للدول النامية بعدما لحق بها من خسائر إثر الظاهرة، وهو ما من شأنه تضييق فجوة الخلاف بين الدول المتقدمة والنامية في هذا الإطار.
 
وهنا يمكن القول بأن الشراكات التي تحققها الدولة المصرية تمثل طفرة مهمة، ليس فقط في إدارة العلاقات الدولية، وإنما أيضا فيما يتعلق مجابهة الأزمات الدولية، في إطار يبدو متواكبا مع العديد من المتغيرات العالمية القائمة، وعلى رأسها التحول نحو التعددية.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة