أدب الرسائل أيقونة أدباء العالم فى القرن العشرين.. رسائل الكاتب الفرنسى ألبير كامو إلى ماريا جاءت تحت شعار "افتقادك هو نهايتى الأكيدة".. وفرانز كافكا لم يكتف بخطاباته إلى ميلينا.. والرسائل العائلية تألقت أيضا

الأربعاء، 13 سبتمبر 2023 08:00 م
أدب الرسائل أيقونة أدباء العالم فى القرن العشرين.. رسائل الكاتب الفرنسى ألبير كامو إلى ماريا جاءت تحت شعار "افتقادك هو نهايتى الأكيدة".. وفرانز كافكا لم يكتف بخطاباته إلى ميلينا.. والرسائل العائلية تألقت أيضا كافكا
عبد الرحمن حبيب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

افتتن الأدباء بأدب الرسائل في النصف الأول من القرن العشرين فلم تكن رسائل كافكا وحده إلى ميلينا هي التي اشتهرت وإنما جرت الإشارة بعد ذلك إلى رسائل الكاتب الفرنسي ألبير كامو إلى حبيبته ماريا كازاراس.

وهنا نرصد أبرز ما جاء في أدب الرسائل

رسائل كامو إلى حبيبته ماريا

أحب الكاتب الفرنسي المعروف ألبير كامو ماريا كازاراس وظل حبها عائشا في أعماقه وهو ما عبر عنه عبر سلسلة طويلة ومن الرسائل واستمرَّ حبه حتى وفاته المأساوية في حادث سيارة عام 1960، قبل أيام من لقائه ماريا.

وقبل أن يكون كاتبا فإن كامو هو فيلسوف العدم وهذه الرسائل تعيد تعريف الحب من جديد إذ هدم كامو مفهومي عن هذا الشعور الإنساني وأعاد بناءه من جديد، فرغم ما تبدو عليه الحياة من عبثية وسخف ولا منطقية، إلا أن الحب يجد لنفسه طريقاً وسط هذا الخراب، ويمنح كل هذا الوجود الغامض معنىً.

كامو الذي كتب هذه الرسائل مختلفٌ عن ذاك الذي كتب " الغريب" و"الطاعون"، حيث تكشف هذه الرسائل أن هذا الفيلسوف الوجودي على جانبٍ من الرومانسية والرقة إلى الدرجة التي تحمل المرء على البكاء إزاء كمية الجمال المرهف الموجودة فيها.

إنها رسائل تبعث القشعريرة في البدن وتجوس بيدها في خبايا الروح حتى أن المرء ليشعر أنه يطير بعيداً وفي داخله كل براكين العالم تتفجر.

وهنا مع إحدى الرسائل من ألبير كامو إلى ماريا كازاريس

26 ديسمبر 1948، يوم الأحد الساعة العاشرة ليلا

افتقادك هو نهايتي الأكيدة.

يوم بائس. وصلت في هذا الصباح (إلى الجزائر العاصمة) دون أن أتمكن من النوم. كانت الطائرة تشق طريقها من بين النجوم، بنعومة. تحتنا سكينة جزر الباليار، والبحر المليء بالأنوار. فكرت فيك.

قضيتُ يومي كله في عيادة المدينة في مواجهة صرخات امرأة عجوز (خالته) لم تكن تدري أنها على حافة القبر. من حسن الطالع أن أمي كانت هناك. فقد نجت من كل شيء بسبب طيبتها ولا مبالاتها (منها علمت أن الأمور بخير).

هذا المساء، رغبت في السير في المدينة. كانت فارغة كما هي عادتها بعد التاسعة ليلا. الأمطار هنا، عنيفة وزمنها قصير. وانا امشي في هذه المدينة المهجورة، شعرت بنفسي كأني في آخر الدنيا. مع أنها مدينتي عندما دخلت إلى غرفتي (أقيم في فندق) خيل لي في لحظة من اللحظات، أني سألقاك هناك، وأننا سنعيش معا شيئا مذهلا، لكن الغرفة كانت فارغة، فبدأت في الكتابة لك.

لم تغادريني منذ البارحة. لم أشعر أبدا بالرغبة فيك وحبك، بذلك القدر من الشراسة، في السماء ليلا، في الفجر، في المطار، في هذه المدينة التي أحسني الآن غريبا فيها، تحت المطر، في الميناء... افتقادك هو نهايتي أيضا. هذا هو جوابي الذي أردته صرخة ما دمتِ قد طلبت مني ذلك.

ولكن يجب أن انام. أكاد أنهار من قلة النوم. لكني أردت فقط قبل ذلك، أن أقاسمك انشغالات يوم مؤثث بك. سأبقى هنا حتى إجراء العملية الثانية (سافر إلى الجزائر لحضور عملية جراحية أجرتها خالته)، حوالي العشرة أيام. أكتبي لي. تلاحقني الأحاسيس السيئة، التي تدفع بي أحيانا إلى فقدان الأمل، فلا تتركيني وحيدا.

آه حبيبتي، لو فقط تدرين، كم أنا في حاجة ماسة إليك. أشعر بنعومة حملك في داخلي مثل هذا المساء حيث أشتهي أن أموت نوما وحنانا.

أقبلك حبيبتي. طويلا مع السماح لك طبعا بالتنفس قليلا.

 

رسائل كافكا
 

اعتمد الكاتب التشيكى المعروف فرانز كافكا على الرسائل حينما كان يخاطب والده وحبيبته ميلينا، وقد كان لهذه الرسائل قيمة كبرى ظهرت فيما بعد حين ترجمت إلى اللغات المختلفة، فما الذى كتبه لأبيه وميلينا؟

 

رسائل إلى ميلينا
 

لا يكشف فرانز كافكا عن نفسه في أي عمل آخر كما في "رسائل إلى ميلينا"، والتي بدأت أساسًا كمراسلات عمل ولكنها سرعان ما تطورت إلى "رسالة حب" عاطفية.

كانت ميلينا جيسينسكا  امرأة موهوبة وجذابة فى الثالثة والعشرين من عمرها وقد كانت مترجمة كافكا التشيكية قادرة بشكل فريد على التعرف على عبقريته المعقدة وشخصيته الأكثر تعقيدًا.

بالنسبة لكافكا البالغ من العمر ستة وثلاثين عامًا حين بدأ كتابة هذه الرسائل كانت ميلينا على حد وصفه"نارًا حية لم أرها من قبل" حتى أنه كشف لها عن نفسه الأكثر حميمية وبعد انتهاء العلاقة، حفظت يومياته.

هناك أيضا رسائل ومقالات بقلم ميلينا جيسينسكا وهي نفسها كاتبة موهوبة استفادت كثيرا من رسائل حب كافكا وقلقه ويأسه، جمعت هذه الرسائل فى كتاب رسائل إلى ميلينا الذى ترجم إلى العربية فى أكثر من مناسبة وتمثل الرسائل استحضارا لطيف المتلقي وطيف المرسل ليتجسدا في كلمات الرسالة.

فالرسائل إلى ميلينا لم تكن إلا تواصلا مع الأشباح ولم يكن هذا التواصل مع شبح المخاطب فقط على الإطلاق، بل تعدى ذلك ليكون مع شبح الشخص المرسلة إليه الكلمات وهو هنا ميلينا، هكذا كشف كافكا في رسائل إلى ميلينا عن صوت أكثر ذاتية ونقاوة وألماً من أعماله الباقية.

الرسائل هي الطوق التي استنجد به الكاتب ليعالج صراعاته فى نشيد عذاب إنساني يهدر بنشيج الروح المعذبة للحبية بعيداً عن صالونات الأدب وصرامة النقد.

نشرت الرسائل في الأصل باللغة الألمانية عام 1952 بعنوان "Briefe an Milena"حررها ويلي هاس الذي قرر حذف بعض الفقرات التي اعتقد أنها قد تؤذي بعض الناس أما أول إصدار باللغة الإنجليزية لمجموعة الرسائل تلك فيعود لعام 1953، وقد ترجمها جيمس وتانيا شتيرن وقد نشرت الرسائل مرة أخرى باللغة الألمانية بعد إعادة الفقرات المحذوفة عام 1986، تبعتها ترجمة باللغة الإنجليزية وضعها فيليب بويهم عام 1990 وتضمنت هذه الطبعة بعض رسائل ميلينا إلى ماكس برود، إضافة لأربع مقالات كتبتها ونعي لكافكا.

رسائل إلى والده

هى رسائل كتبها كافكا لوالده هيرمان كافكا عام 1919، موجهاً له الاتهام على «الإساءة العاطفية» والسلوك والنفاق الذي أبداه اتجاهه وعامله به، وكان كافكا يأمل أن تكسر الفجوة بينه وبين والده، على الرغم من أنه وجّه نقداً شديد اللهجة لوالده.

ومن الرسائل:" أبي العزيز، لقد سألتني مؤخراً عن سبب كوني أخشاك وأخاف منك على الدوام. وكالعادة، لم أكن أستطيع التفكير في إجابة لسؤالك، وجزء من ذلك هو أنني فعلاً أخاف منك، وجزء آخر من السبب أن الخوض في تفاصيل سبب الخوف سيقود إلى مزيد من التفاصيل أكثر بكثير مما أستطيع التفكير به أثناء الحديث عنه. وإذا ما حاولت إعطاءك إجابة كتابةً سيكون الجواب غير مكتمل".

ووفقاً لماكس برود، أعطى كافكا الرسالة لأمه لتسليمها لوالده لكن والدته لم تسلم الرسالة قط، بل أعادتها إلى ابنها وطبع كافكا الرسالة الأصلية المؤلفة من 45 صفحة على الآلة الكاتبة، وصححها يدوياً، وأضيفت لها صفحتان ونصف الصفحة مكتوبة باليد.

ترجم إرنست قيصر وإيثين ويلكنز الرسالة إلى الإنجليزية، ونشرتها دار شوكن عام 1966 باللغتين الإنجليزية والألمانية، وتضمن الإصدار أعمالاً أخرى لكافكا ونشرت ترجمة جديدة لحنا وريتشارد ستوكس عام 2008 بعنوان "أبي العزيز".










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة