سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 سبتمبر 1945.. تنفيذ حكم الإعدام فى محمود العيسوى المتهم باغتيال رئيس الحكومة أحمد ماهر باشا

الإثنين، 18 سبتمبر 2023 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 18 سبتمبر 1945.. تنفيذ حكم الإعدام فى محمود العيسوى المتهم باغتيال رئيس الحكومة أحمد ماهر باشا اغتيال احمد ماهر باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
اقتاد الحراس الشاب محمود العيسوى إلى المشنقة، ولما سئل عما يطلبه، أجاب بأن يسمح له بالصلاة، فتوضأ وصلى الصبح، وتوجه فى «18 سبتمبر، مثل هذا اليوم، 1945» إلى حبل المشنقة، وقبل وضع «الطاقية السوداء» على رأسه قال كلمته: «أنا لا يهمنى إلا حكم التاريخ، وأرجو من الصحفيين ألا يشوهوا سمعتى كما شوهوا القضية، وكلمتى لهم ألا تفتروا على ميت»، حسبما يذكر محمد عبدالرحمن حسين فى كتابه «نضال شعب مصر 1798 - 1956»، مشيرا بذلك إلى اللحظات الأخيرة فى حياة «العيسوى» الذى اغتال رئيس الوزراء المصرى أحمد ماهر باشا، مساء 24 فبراير 1945.
 
يذكر عبدالرحمن الرافعى، فى الجزء الثالث من كتابه «فى أعقاب الثورة المصرية، ثورة 1919، أن جريمة القتل وقعت فى البهو الفرعونى لمجلس النواب، مضيفا أن البرلمان كان مجتمعا مساء السبت 24 فبراير 1945 ليبحث مسألة إعلان مصر الحرب على ألمانيا واليابان تمهيدا لاشتراكها فى مؤتمر سان فرانسيسكو وانضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة، وكانت الوزارة أعدت بيانا وافقت فيه على إعلان الحرب، وبعد أن ألقى أحمد ماهر هذا البيان فى مجلس النواب، انتقل إلى مجلس الشيوخ ليدلى ببيانه فيه، وفيما كان يجتاز البهو الفرعونى الذى يفصل المجلسين، أطلق عليه محام شاب يدعى محمود العيسوى الرصاص فأصابه إصابات قاتلة أودت بحياته.
 
يضيف الرافعى، أن هذا الاعتداء المنكر كان له وقع أليم فى النفوس، وعلل القاتل فعلته الشنعاء بأن أحمد ماهر تسبب فى إعلان مصر الحرب على ألمانيا، ويذكر «حسين» فى كتابه «نضال شعب مصر»، أن العيسوى كان ضمن صفوف الحزب الوطنى الذى أسسه الزعيم مصطفى كامل، وضمن الشعبة المدنية فى الحزب التى تم تأسيسها لمقاومة الاحتلال الإنجليزى، وهو من مواليد قرية «بنى غربانة» التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، وحصل على شهادة الحقوق عام 1939 ودبلوم القانون الخاص عام 1940، ودبلوم القانون العام بتفوق عام 1941، وأعد رسالة للدكتوراه فى الحقوق بعنوان «مركز مصر الدولى بعد إبرام معاهدة سنة 1936».
 
غير أن الشيخ أحمد حسن الباقورى يذكر رواية مختلفة حول انتماء «العيسوى»، وكان الباقورى وقتئذ ضمن قيادات جماعة الإخوان، ويكشف فى مذكراته «بقايا ذكريات» أن النظام الخاص لجماعة الإخوان لم يكن المنتسبون إليه معروفين إلا فى دائرة ضيقة، ولأحاد معروفين، وكان لهؤلاء اجتماعاتهم الخاصة بهم، وربما كانوا يعملون فى جهات مختلفة يجهل بعضهم بعضا جهلا شديدا، ورأى هذا النظام الخاص أن ينتقم لإسقاط المرشد فى الانتخابات حسن البنا فى دائرة الإسماعيلية، وكان من أشد المتحمسين لفكرة الانتقام هذه محام شاب هو محمود العيسوى، وكان يتمرن على المحاماة فى مكتب عبدالمقصود متولى، الذى كان علما من أعلام الحزب الوطنى، فما أعلنت الحكومة الحرب على دول المحور، رأى النظام الخاص أن هذه فرصة سنحت للانتقام من رئيسها، ووجه محمود العيسوى إلى الاعتداء على أحمد ماهر باشا.    
 
تولى محمود فهمى النقراشى رئاسة الحكومة فور اغتيال «ماهر»، وأمر بإحالة القضية إلى المحكمة العسكرية العليا برئاسة «محمود منصور بك» وعضوية حسن حمدى بك واثنين من العسكريين، وطبقا لكتاب «نضال شعب مصر»، فإن «النقراشى» كان يحضر التحقيق كما كان يستدعى «العيسوى» لمكتبه أحيانا أخرى أملا فى الحصول على اعتراف منه، وتولى الدكتور على بدوى عميد كلية الحقوق الدفاع عن العيسوى، ورفض قول عبدالرحمن الطوير فى مرافعة الاتهام: «قضية اليوم هى قضية الشهيد والبغيض، أما الشهيد فهو أحمد ماهر، وأما البغيض فهو هذا الشقى الماثل أمامكم، وأستغفر الله أن أذكر اسميهما معا، غير أن التاريخ سيفرق بين الاسمين فيرفع اسم أحمد ماهر إلى السماء، وسيضع التاريخ هذا المعتدى القاتل يوم ولد ويوم يموت بين المجرمين الآثمين».
 
رد بدوى منفعلا: «لسنا هنا فى مقام تقدير الفضائل الشخصية لكل واحد من الناس ولا لبيان العيوب الشخصية ولسنا أمام قضية تعيس وشهيد أو شقى وسعيد، إنما نحن أمام قضية تتعلق بأمر خطير، قضية آمن بها المتهم وإذا كان أحمد ماهر صاحب رسالة فإن المتهم اعتقد وآمن بفكرة تسلطت عليه واعتقد المتهم وأعتقد أنا أيضا معه أن مبعثه وحى الإنجليز».
 
استجابت المحكمة لطلب استدعاء الشهود، ومنهم النقراشى باشا الذى اعترف للمحكمة بأنه استدعى «العيسوى» إلى مكتبه أكثر من مرة، وأثناء شهادة الشهود شعر المتهم بأن المحكمة تهاجمه فطلب ردها لأنه لا يطمئن لها، لكن المحكمة رفضت، فقال المتهم: «أنا أعفى أستاذى على بك من المرافعة فرفض على بدوى واستمر فى الدفاع عنه»، وفى جلسة 28 يوليو 1945 قضت المحكمة بإعدامه، وفى 18 سبتمبر تم تنفيذ الحكم.    









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة