أكرم القصاص

طهران واشنطن تل أبيب.. توازن صراع يرضى مصالح كل الأطراف!

الأربعاء، 17 أبريل 2024 10:00 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صحيح أن المواجهة بين إيران وإسرائيل بدأت وانتهت خلال ساعات، لكنها تمثل تحولا كبيرا فى سياقات النفوذ والقوة بالإقليم، كما أنها سوف تشغل مراكز البحث والاستخبارات لقياس مستوى القوة وقدرات كل طرف على الصمود فى مواجهة واسعة وطويلة، بجانب أنها تحفز سباقات التسلح بين الأطراف الإقليمية المختلفة.
 
هى حرب سريعة، ربما تكون أسرع مواجهة إقليمية خلال العقود الماضية، لكنها أيضا أول مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل، بعد عقود ظلت خلالها المواجهة عن طريق وكلاء لهذا الطرف أو ذاك. فقد كان الهجوم الإيرانى متوقعا منذ ضرب القنصلية الإيرانية فى دمشق، ورسمت التسريبات من إيران وما أعلنته الولايات المتحدة شبه سيناريو كاملا لما سيجرى، وبالتالى استعد الطرف الإسرائيلى جيدا ومعه الأطراف الأوروبية والأمريكية بشكل يدعم من القدرة على مواجهة الهجمات الإيرانية، التى تمت على الهواء من مراحل التجهيز إلى نهاية التنفيذ، ومع هذا لا يمكن تجاهل أنها المرة الأولى التى تطلق إيران طائرات مسيرة وصواريخ من أراضيها على تل أبيب التى أعلنت إسقاط 99 % منها، وهو ما يجعل  الهجمات ليست خارج المتوقع.
 
وبالتالى نحن أمام حرب تحرص كل الأطراف على تأكيد عدم الرغبة فى توسيعها، وحرصت كل أطرافها على توصيل رسائل حاسمة بأنها لن تدخل طرفا فيها من أى جهة، الولايات المتحدة أعلنت دعمها لإسرائيل فى صد الهجمات لكنها أبعدت نفسها عن كونها طرفا فى هذا الصراع، فى المقابل منذ بداية الحرب فى غزة حرصت إيران على أنها لن تدخل طرفا فى الحرب، وظهر ذلك فى الخطاب الإيرانى الرسمى، وأيضا فى كل خطابات حزب الله، الذى لم تصدر عن أمينه العام أى تهديدات أو إيحاءات بالدخول طرفا فى الحرب، وفعليا بقيت المواجهات فى الإطار التقليدى، من دون أن تتسع لتمثل خطرا على الاحتلال، وحرصت إيران على أن تؤكد أن هجماتها انتهت وأبلغت كل الأطراف بذلك حرصا على تأكيد عدم رغبتها أو استعدادها لتوسيع الصراع.
 
ويبدو أن العالم أمام تحول وحيد فى هذا الصراع، يشير إلى حرص كل طرف على البقاء عند نقطة واضحة، ونضوج براجماتى علنى، ضمن صراع علنى لم يعد بعيدا على السطح، كما أنه يعكس وجود قنوات اتصال غير مباشرة بين الأطراف الدولية والإقليمية، ويبدو هذا بوضوح فى التركيز أكثر على الجانب الدعائى والتهديدات من دون الانتقال إلى مراحل أخرى، وحتى التهديدات الإسرائيلية أو التقدم بشكوى أمام مجلس الأمن، فهى أقرب إلى تحركات ضرورية لملء الفراغات والأوراق والاستفادة من إمكانات النظام الدولى، العاجز عن اتخاذ أى خطوات عملية، فإسرائيل التى تشن حرب إبادة لأكثر من 7 أشهر اعتادت الوقوف كمتهم، وحصلت للمرة الأولى على دور الضحية، حتى لو كانت تعلم أنها البادئ بالعدوان على قنصلية إيران.
 
إيران حققت أهداف الرد على الهجوم على القنصلية الإيرانية فى سوريا، ونجحت فى رسم صورة دعائية مناسبة، وأكدت تمسكها بعدم الدخول فى حرب واسعة أو مواجهة مع الولايات المتحدة، وهو أمر يتناسب مع اتصالات مختلفة بين واشنطن وطهران ضمن تقارب ربما يعيد المفاوضات إلى ما سبق، ويمنح طهران مجالا أكبر فى برامجها النووية، مع التفات واضح إلى أن إيران بالرغم من كونها تهدد مصالح أمريكا فى العراق وسوريا، فهى أيضا كانت ولا تزال المستفيد من إسقاط وتدمير القوة العراقية، ولها مصالح ومكاسب فى العراق لا تريد أن تفقدها أو تعرضها للتهديد.. كل هذا يعنى أن البقاء عند نقاط توازن، يرضى مصالح كل الأطراف.
p.8









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة