أول مدع عام لـ"الجنائية الدولية" فى حوار خاص لـ"اليوم السابع": تعرضت لضغوط أمريكية لإغلاق ملف فلسطين أمام المحكمة.. لويس مورينو: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء.. وانضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا بالغ الأهمية

السبت، 01 يونيو 2024 01:00 م
أول مدع عام لـ"الجنائية الدولية" فى حوار خاص لـ"اليوم السابع": تعرضت لضغوط أمريكية لإغلاق ملف فلسطين أمام المحكمة.. لويس مورينو: إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء.. وانضمام مصر لدعوى جنوب أفريقيا بالغ الأهمية لويس مورينو أوكامبو
حوار - محسن البديوى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ويسأل بايدن: هل تقف مع نتنياهو بـ«الفيتو» أم ستقف مع القانون؟.. ويكشف أسرارا لأول مرة عن الطلب الفلسطينى بعد «معركة الفرقان»

على العرب أن يقدموا شيئا لدعم المؤسسات القضائية الدولية

فى يوم الإثنين الموافق 16 يونيو 2003، وقف المحامى الأرجنتينى، لويس مورينو أوكامبو، داخل المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى، يؤدى اليمين، ليصبح أول مدع عام للمحكمة الدولية المكلفة بملاحقة وردع مجرمى الحرب.

رحلة قضائية طويلة خاضها لويس مورينو، فتح خلالها قضايا وتحقيقات أثارت الجدل حول العالم، تتعلق بدول مثل الكونغو الديمقراطية وأوغندا وأفريقيا الوسطى وكينيا وليبيا وساحل العاج ومالى والسودان، وهو صاحب مذكرات اعتقال لأول مرة ضد رؤساء دول حاليين آنذاك «الراحل الليبى معمر القذافى، والسودانى عمر حسن البشير»، كما كان مسؤولا عن التحقيق والملاحقة القضائية لآخرين من مرتكبى جرائم الحرب، وسبق له أن اكتسب سمعة طيبة أثناء محاكمته أمام المجلس العسكرى فى الأرجنتين عام 1985، وكان أيضا أستاذا زائرا فى جامعة هارفارد وجامعة ستانفورد فى الولايات المتحدة.

واليوم، ومع إصدار المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه يوآف جالانت بتهم ارتكاب جرائم حرب، وإبادة ضد الإنسانية، فيما يتعلق بالحرب فى غزة، قررنا العودة بالذاكرة إلى الوراء 15 عاما مضت، لنستكشف أكثر عن معارك فلسطين القانونية، فى حوار خاص أجرته «اليوم السابع» مع المحامى الأرجنتينى لويس أوكامبو، المدعى العام الأول للمحكمة الجنائية الدولية 2003-2012، حيث كشف تفاصيل وكواليس جديدة حول الطلب الفلسطينى، ضد إسرائيل، فيما يتعلق بمعركة «الرصاص المصبوب»، أو كما تطلق عليها المقاومة «الفرقان» بقطاع غزة 2008- 2009، وكيف واجه الضغوط الدبلوماسية الأمريكية أثناء شغل منصبه، محملا نتنياهو الآن المسؤولية عن المجازر التى تشهدها رفح..

وإلى نص الحوار:


-الآن نحن أمام واقع يراد فرضه فى غزة ورفح وقرارات من أعلى محكمة فى الساحة الدولية.. فما توصيفكم للقرارات الأخيرة من المحكمة الجنائية وردود الفعل عليها؟

السبب وراء صدور أمر محكمة العدل الدولية بوقف الهجوم فى رفح، هو أنه لا يوجد مكان للهروب هناك، الأماكن كلها ممتلئة، لقد تم بالفعل إجلاء 800 ألف شخص، وليس هناك مكان للفلسطينيين يذهبون إليه الآن، والمحكمة قالت: لا يوجد لهؤلاء النازحين أماكن يتوفر فيها الماء والصرف الصحى والغذاء والدواء.. لذا فالأمر لا يتعلق فقط بالقتل واستهداف المدنيين فقط، بل بالخوف والحياة.  ولكن بالتوازى، فإن مجلس الأمن الدولى يمكنه أن يفرض على إسرائيل الالتزام بأمر قضاة محكمة العدل بوقف العمليات فى رفح، ولكنه طرح سؤالا: هل ستقف أمريكا إلى جانب نتنياهو بحق النقض «الفيتو»

أم ستقف إلى جانب القانون؟


إذن..

كيف ترى تأثير رفض إسرائيل وقف الحرب ورفضها حتى الآن تنفيذ قرارات المحكمة وتأثير ذلك على الأمن والقانون والسلام العالمى؟

واستنادا إلى الحقائق، فإن هذا الهجوم الأخير فى رفح أكد للتو ادعاءات المدعى العام، والمثير للقلق أن الرئيس الأمريكى جو بايدن يرى أن إسرائيل لم تصل إلى الخط الأحمر.. ما معنى ذلك؟. ولماذا يوجد للرئيس بايدن خط أحمر يختلف عن قرارات محكمة العدل الدولية؟.. الرئيس بايدن منذ البداية يقول إن إسرائيل يجب أن تحترم القانون الدولى حتى تقوم بعملية فى غزة، ومن الواضح أن هناك مشكلة فى ذلك، لذلك أعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لاتخاذ موقف جدى بشأن الحدود القانونية لحماية الحياة.

حسنا، لقد كانت محكمة العدل الدولية واضحة: أوقفوا الهجوم فورا.. إسرائيل تجاوزت الخطوط الحمراء.. ولا مكان ليذهب إليه الفلسطينيون.. إننا أمام هجوم جديد، وهذا الهجوم الجديد يمكن أن يؤكد النوايا التى تقتضيها مذكرة الاعتقال التى طلبها المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية.


بناء على ذلك يمكن القول إن المحكمة غير قادرة على وقف جرائم إسرائيل.. فمن بيده ذلك؟

الولايات المتحدة غير قادرة أو غير راغبة فى إجبار إسرائيل على احترام الحد القانونى، الذى حددته محكمة العدل المستقلة، والتى تشمل القضاة الأمريكيين، وطلب أوامر الاعتقال من قبل المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية، وأعتقد أن الدول العربية يجب أن تكون على استعداد لدعم هذه المؤسسات القضائية ويمكنهم تقديم شىء لا يستطيع أى شخص آخر تقديمه، وهو الأمن، ويتعين على الدول العربية أن توفر حدودا بين

الفلسطينيين والإسرائيليين لتوفير الأمن، وضمان قيام الدولتين على أرض الواقع.. حان الوقت لإنهاء هذا.
-كيف ترى أهمية الدور المصرى؟

مصر تقف وتطالب باحترام الحدود القانونية، ورأيت انضمام مصر لجنوب أفريقيا فى الدعوى المقامة ضد إسرائيل بمحكمة العدل الدولية، إنهما الدولتان الداعمتان لقرارات المحكمة الدولية، هذا أمر بالغ الأهمية.
شغلتم منصب المدعى العام للجنائية الدولية لمدة 9 سنوات.. كيف تفاعلت مع الصراع الفلسطينى الإسرائيلى الممتد لعقود و

ما حقيقة رفضك طلب فلسطين إجراء تحقيق فى عملية «الرصاص المصبوب» على غزة ضد إسرائيل؟

فى حينها، كانت هناك مشكلة كبيرة فيما يتعلق بالتعامل مع وضع فلسطين كدولة كى يتعاملوا مع الجنائية الدولية، وأخبرت مسؤولا فلسطينيا بالوضع، وقدموا طلبا بذلك، كان عليهم اللجوء للجمعية العمومية للأمم المتحدة فى سبيل الحصول على فلسطين كدولة، وحينها كان هناك ردود فعل أمريكية تحاول تعطيل ذلك، وبالفعل فى عام 2015، أصبحوا جزءا من المحكمة الجنائية الدولية.


هل يمكن القول إنك تعرضت لضغوط أمريكية؟

نعم.. لقد طلب منى سفيران مختلفان للولايات المتحدة إغلاق الطلب الفلسطينى قبل الأوان.


-إذن الضغوط التى يتعرض لها كريم خان المدعى العام للجنائية الدولية تعرض لها أسلافه أيضا؟


نعم تعرضت لضغوط من واشنطن.. إنها ضغوط دبلوماسية من أمريكا

 

هل يمكن أن تطلعنا على تفاصيل أكثر؟

بالطبع، ولقد أوضحت ذلك فى كتابى «الحرب والعدالة فى القرن الحادى والعشرين»، حيث استقبلت سفير فلسطين لدى هولندا آنذاك، ومستشاره القانونى فى مكتبى فى الطابق الثانى عشر، أردت أن أستمع بعناية إلى الوزير، وأخبرت السفير بأننى أستطيع أن أتفهم مطلب الفلسطينيين لتحقيق العدالة وأهمية جهوده، لكننى لا أستطيع ضمان النجاح، وكان وعدى هو أن أكون محايدا وأن أحترم نظام روما الأساسى. وفى هذا الجانب، أضفت أنه ليس من الواضح أن السلطة الفلسطينية يمكن اعتبارها «دولة » كما يقتضى نظام روما الأساسى.


فاجأنى السفير، وبدلا من أن يقدم مطلبا سياسيا، قدم حجة قانونية، وقد كان مستعدا جيدا، وأدرك مدى تعقيد قضية الدولة الفلسطينية، وبدلا من طلب قرار سريع من مكتب المدعى العام، طلب عملية عادلة لعرض حجج السلطة الفلسطينية، ولقد وعدت السفير بأن السلطة الفلسطينية ستتاح لها الفرصة لعرض وجهات نظرها على نطاق واسع.


وماذا بعد عن الموقف الأمريكى؟

قدمت الولايات المتحدة رأيها إلى مكتبنا، ولكن باتباع نهج سياسى وليس قانونيا، حيث إن عضوة فى الحكومة الأمريكية أعرفها منذ عقود جاءت إلى لاهاى وطلبت منى حينها إغلاق التحقيق الأولى الذى طلبته السلطة الفلسطينية على الفور، وعندما سألتها لماذا ينبغى لى أن أفعل ذلك، قالت: «لأن هذا هو ما تريده الولايات المتحدة»، لاحظت آراءها وأخبرتها بأننى أفهم أنها تمثل حكومتها، لكن لدى واجبات قانونية كنت أنوى احترامها، وافترضت أن مثل هذا النهج الأمريكى نجح فى بعض الحالات، وبالتالى كانت تتوقع إجابة إيجابية.

وفى اجتماع لاحق فى نيويورك، التقيت بواحدة من أعلى المسؤولين فى العلاقات الخارجية فى حكومة الولايات المتحدة، وطلبت منى أيضا إيقاف الفحص التمهيدى لفلسطين، أجبت بأننى أتابع إجراءات الفحص الأولى، وهو الرد الذى قوبل بالصمت، وبما أنه ليس لدى ما أضيفه، فقد بقيت صامتا وحدقت فيها. لمدة ثلاث دقائق تقريبا، حدقنا فى بعضنا البعض دون كلمة واحدة، وفى ذلك الوقت، أخبرنى مستشارى للتعاون الدولى، الذى يتمتع بمسيرة دبلوماسية طويلة، أنه لم يحضر اجتماعا أكثر توترا من ذلك فى أى وقت مضى.


وما هى تطورات وضع فلسطين فى الأمم المتحدة لاحقا؟

فى يوليو 2011، أكدت فلسطين للمكتب أنها قدمت حججها الرئيسية، لقد استنفدت عملية الإحاطة، وقدمت إسرائيل وفلسطين وجهات نظريهما، وفى 3 إبريل 2012، أصدر مكتب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية قراره حينها بأن الوضع الحالى، الذى منحته الجمعية العامة للأمم المتحدة لفلسطين، هو وضع «مراقب »، وليس «كدولة غير عضو »، ويمكن للمكتب فى المستقبل أن ينظر فى ادعاءات الجرائم المرتكبة فى فلسطين، إذا قررت الأجهزة المختصة فى الأمم المتحدة منح الدولة.


وفى 29 نوفمبر 2012 تغير الوضع بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة- 138 صوتا مقابل 9 أصوات «كندا، جمهورية التشيك، إسرائيل، جزر مارشال، ميكرونيزيا، بنما، بالاو، الولايات المتحدة »، مع امتناع 41 عضوا عن التصويت، وأصبحت فلسطين تتمتع بوضع دولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة، كما أنها «أثبتت أن فلسطين مؤهلة للانضمام إلى المعاهدات التى تطبق صيغة جميع الدول لتحديد العضوية ».


وقد تم قبول دولة فلسطين من قبل لجنة أوراق اعتماد جمعية الدول الأطراف، خلال جمعية الدول الأطراف لعام 2015، وفى 22 مايو 2018، أحالت فلسطين الوضع فى دولة فلسطين إلى المدعى العام. وفى 3 مارس 2021، أعلن المدعى العام عن فتح التحقيق فى الوضع فى دولة فلسطين، جاء ذلك فى أعقاب قرار الدائرة التمهيدية الأولى فى 5 فبراير 2021 بأن المحكمة يمكنها ممارسة اختصاصها الجنائى فى هذه الحالة، وبأغلبية الأصوات، أن النطاق الإقليمى لهذه الولاية القضائية يمتد إلى غزة والضفة الغربية، بما فى ذلك القدس الشرقية.. لقد كان الأمر معقدا ولكنه انتهى الآن، واليوم نحن أمام وضع قائم، ونتيجة بطلب المدعى العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو.

 

3c1c262b-fc6e-481f-8fb8-05c06bf27d71









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة