إسرائيل فى قائمة العار الأممية.. تبعات دبلوماسية قوية ضد حكومة الاحتلال بعد إدراج "تل أبيب" على القائمة السوداء للأمم المتحدة.. "نتنياهو" يواجه عزلة دولية.. الاعتراف بدولة فلسطينية والمزيد من الضغط فى انتظاره

الأحد، 09 يونيو 2024 09:34 م
إسرائيل فى قائمة العار الأممية.. تبعات دبلوماسية قوية ضد حكومة الاحتلال بعد إدراج "تل أبيب" على القائمة السوداء للأمم المتحدة.. "نتنياهو" يواجه عزلة دولية.. الاعتراف بدولة فلسطينية والمزيد من الضغط فى انتظاره نتنياهو
كتب عبد الوهاب الجندى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أضُيفت إسرائيل إلى الدول والأطراف المنضوية تحت "القائمة السوداء لقتل الأطفال"، وأبلغ الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ما يسمى "ملحق الدفاع الإسرائيلي" في الولايات المتحدة، أنه قرر أخيرا إدراج إسرائيل في القائمة السوداء للدول والمنظمات التي تلحق الأذى بالأطفال في مناطق النزاع.

ولم تفلح كل المساعي الإسرائيلية بإقناع الأمم المتحدة بتجنب هذا القرار، وستظهر إسرائيل في القائمة السوداء التي ستنشر الأسبوع المقبل ضمن تقرير سيتم توزيعه على أعضاء مجلس الأمن، وستجري مناقشته في 26 يونيو الجاري.

ما هي قائمة السوداء؟

واللائحة السوداء أو قائمة العار التي أضيفت إليها إسرائيل هي قائمة تصدرها الأمم المتحدة سنويا، وتشمل دولا ومنظمات وأحزابا وجماعات تقول الأمم المتحدة إنها تنتهك حقوق الأطفال في مناطق النزاع والحروب، إضافة لاستهداف المدارس والمستشفيات، ولكن ولا مفاعيل عقابية للقائمة السوداء سوى الضغط الدولي.

أنشئت "قائمة العار" من طرف الأمين العام للأمم المتحدة عام 2002، كأداة قيّمة في الجهود الرامية لكبح الانتهاكات ضد الأطفال جراء النزاعات المسلحة، إذ يشكّل وصمها للجناة -سواء الحكومات أو الجماعات المسلحة غير الحكومية- ضغطا كبيرا على أطراف النزاع المسلح ليجبرها على الامتثال للقانون الدولي.

وبناء على طلب مجلس الأمن الدولي، ينشر الأمين العام للأمم المتّحدة سنويا تقريرا يرصد انتهاكات حقوق الأطفال، إضافة لاستهداف المدارس والمستشفيات في نحو 20 منطقة نزاع حول العالم، ويُضمّنه ملحقا يُدرج فيه المسؤولين عن هذه الانتهاكات.

ويُطلق على هذا الملحق اسم "قائمة العار" لاحتوائه على أسماء جهات متّهمة بارتكاب انتهاكات بحقّ أطفال في النزاعات، بما في ذلك قتلهم أو تشويههم أو تجنيدهم أو اختطافهم أو ارتكاب أعمال عنف جنسي بحقّهم.

ويعاني الأطفال في قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023 من انتهاك كافة حقوقهم، حيث يحرم الأطفال الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي في الضفة الغربية وقطاع غزة من حقهم في الحياة والتعليم والسكن اللائق والحق في الرعاية الصحية، والذي ينتهك بشكل مباشر اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وفي وقت سابق حذر “مركز العودة الفلسطيني” في تقرير قدمه للأمم المتحدة من أن الأطفال الفلسطينيون أصبحوا هدفًا رئيسيا لهجمات القوات الإسرائيلية على غزة.

وقالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في بيان، إن أكثر من 15 ألف طفل في قطاع غزة، غالبيتهم من طلاب المدارس، وفي مرحلة رياض الأطفال، سقطوا ضحايا الحرب التي بدأتها إسرائيل منذ 7 أكتوبر الماضي.

وأضافت الوزارة في بيانها، تزامناً مع اليوم الدولي لضحايا العدوان من الأطفال الأبرياء الذي يصادف شهر يونيو سنوياً، أن "هذه المناسبة عنوانها الأبرز (أطفال غزة) باعتبارهم أكبر ضحايا حرب إسرائيل على غزة، وهم من يدفعون ثمناً باهظاً نتيجة هذا العدوان وآثاره الجسيمة بحقهم".

وأشارت الوزارة إلى "سقوط أكثر من 15 ألف طفل في قطاع غزة منذ بدء الحرب، غالبيتهم من طلبة المدارس ورياض الأطفال، فضلاً عن 64 من طلبة مدارس الضفة الغربية".

ويكمن استنباط العديد من الدلالات الإيجابية من التحرك الأممي وضم إسرائيل إلى القائمة السوداء على النحو التالي:

أولا:  الإضرار بسمعة ومكانة إسرائيل الدولية: ينظر إلى قرار الأمين العام بأنه جهد يأتي مكملًا للجهود الدولية الأخرى، ففي الأسابيع الماضية سعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان إلى إصدار أوامر اعتقال ضد كبار قادة إسرائيل وحماس، كما تنظر محكمة العدل الدولية في الوقت نفسه في دعوى قدمتها جنوب إفريقيا بأن إسرائيل تنتهك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 وقد أصدرت تدابير إضافية في نهاية مايو الماضي تلزم إسرائيل بوقف أعمالها العسكرية في رفح، مما يعني ان قرار إدراج إسرائيل في القائمة السوداء يأتي مؤكدًا على ان كافة الجهات الدولية والاممية تقر وتعترف بالانتهاكات الصارخة التي يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب في قطاع غزة بشكل عام وضد الأطفال بشكل خاص، ويعني الأضرار بسمعتها حيث سيتم الاستشهاد بتلك القائمة في جميع هيئات الأمم المتحدة، بما في ذلك الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، باعتبارها وصمة عار على دولة إسرائيل.

ثانيا: إقرار دولي بعدم أخلاقية وديمقراطية جيش الاحتلال الإسرائيلي: في تصريح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قال إن الأمم المتحدة أدرجت اليوم نفسها على قائمة التاريخ السوداء بانضمامها إلى أولئك الذين يدعمون مجرمي حماس، وقد وصف الجيش الإسرائيلي بانه الجيش الأكثر أخلاقية في العالم وما من قرار أممي “وهمي” بوسعه أن يغير هذا الأمر كما وصفه.

لكن إصرار الأمين العام على إدراج إسرائيل في القائمة ينفي ما جاء في بيان رئيس وزراء دولة الاحتلال، وبأنه الجيش الأكثر أخلاقية، وفي الفترة المقبلة من الناحية العملية، بمجرد أن يتم وضع إسرائيل على القائمة سيتم إصدار تقارير مخصصة بعد أخلاقية ممارسات الجيش الإسرائيلي، ومما يعني أيضًا أن مكتب المبعوث الخاص سيعد تقارير مخصصة فيما يتعلق بانتهاكات الجيش الإسرائيلي، ومن المرتقب أن يتم تقديم التقارير في وقت لاحق إلى مجلس الأمن، وستجد إسرائيل نفسها بصحبة دول غير ديمقراطية ودول أخرى منتهكة لحقوق الإنسان، وتنفي ما تصف به نفسها بأنها “دولة ديمقراطية”.

ثالثا: تبعات دبلوماسية قوية: من المرتقب أن يكون لإدراج إسرائيل ضمن قائمة العار تأثير دبلوماسي قوي، حيث ستحفز المزيد من الدول على القيام بخطوات رمزية، مثل الاعتراف بدولة فلسطينية، وزيادة الضغط في المجتمع الدولي لحث إسرائيل على الالتزام بالقانون الدولي، كما من الممكن أن تلجأ العديد من الدول إلى مزيد من الإجراءات والأدوات الدبلوماسية التي قد تستخدمها الدول لتعديل سياساتها في التعامل مع إسرائيل، ومن الممكن أن يعمل على توجه دول كبرى مانحة لوكالة الأونروا لاستئناف تمويلها بشكل عاجل.

رابعا: تحجيم تصدير الأسلحة لإسرائيل: قد يشكل إدراج إسرائيل في القائمة السوداء أزمة كبرى للغاية فيما يتعلق بتصدير الأسلحة من الدول الأوروبية إلى إسرائيل، ففي الفترة الماضية لوحت عديد من الدول باحتمالية تعليق شحنات أسلحة موجه لإسرائيل وأوقفتها دول أخر.

ففي وقت سابق أوقفت الحكومة الهولندية شحنات تتضمن مكونات تدخل في صناعة طائرات “إف-35” إلى إسرائيل في فبراير 2024، بعد أن خلص حكم محكمة الاستئناف إلى وجود خطر في استخدامها لانتهاكات القانون الإنساني. وفي 20 مارس قالت الحكومة الكندية إنها أوقفت تراخيص تصدير الأسلحة إلى إسرائيل منذ الثامن من يناير 2024 على أن يستمر التجميد حتى تتمكن من ضمان استخدام الأسلحة بما يتوافق مع القانون الإنساني. وأيضًا في 9 مايو أكد مصدر في وزارة الخارجية الإيطالية أن روما، وهي واحدة من أكبر ثلاثة موردي أسلحة لإسرائيل إلى جانب الولايات المتحدة وألمانيا، أوقفت موافقات التصدير الجديدة منذ بداية حرب غزة. كما ومنعت فرنسا هذا العام شركات الأمن الإسرائيلية من المشاركة في المعرض السنوي للأسلحة وصناعة الدفاع الذي سيعقد في فيلبينت.

ويعني ذلك أن الدول الأوروبية الأخرى ليست بمنأى عن اتخاذ قرار وقف تصدير الأسلحة لإسرائيل، خاصة في ظل التحركات الإيجابية الأخيرة التي تقوم بها من اعتراف بشرعية دولية فلسطين، وتصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن لصالح عضوية دولة فلسطين. وما يشكل هاجسًا بالنسبة للحكومة الإسرائيلية هو إدراج قواتها الأمنية في القائمة، قد يؤثر على اتفاقيات الدفاع الثنائية مع الدول الأعضاء الأخرى في الأمم المتحدة، وكذلك اتفاقيات الأسلحة، والتي أصبحت تعاني من العزلة الدولية بعد تحول موقف دول أوروبية من الدعم إلى العداء في الشهور الأخيرة.

خلاصة القول، على الرغم من أنه قد يبدو أن إدراج إسرائيل على “قائمة العار” للأمم المتحدة لا يحمل أي تداعيات قانونية، إلا أنه من ناحية أخرى يعد إضافة للتحركات الدولية الإيجابية في الأشهر الأخيرة، سواء على المستوى الأممي والذي يأتي عقب قرارات وتدابير صادرة ضد إسرائيل من محكمة العدل الدولية، ومذكرة اعتقال ضد قادة إسرائيليين مرتقبة من المحكمة الجنائية الدولية، أو على المستوى الدولي، والذي يأتي في ظل تغير واضح للموقف السياسي الدولي خاصة الأوروبي ضد إسرائيل، مما يعني مزيد من الضغوط السياسية والدبلوماسية على إسرائيل، وفقدانها لمكانتها الدولية، والتي ستغير أيضًا مستقبل العلاقات الإسرائيلية الخارجية بشكل جذري واتجاهها للعزلة الدولية طويلة الأمد.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة