مليار و400 ألف جنيه ميزانية الوجبة المدرسية «المرفوضة».. أولياء الأمور يوصون أبناءهم بعدم تناول الطعام بالمدارس خوفا من حوادث التسمم المتكررة

السبت، 27 سبتمبر 2014 03:07 م
مليار و400 ألف جنيه ميزانية الوجبة المدرسية «المرفوضة».. أولياء الأمور يوصون أبناءهم بعدم تناول الطعام بالمدارس خوفا من حوادث التسمم المتكررة وجبة مدرسية - أرشيفية
تحقيق - أية دعبس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقلا عن العدد اليومى..

تُعتبر برامج التغذية المدرسية إحدى الوسائل المُهمة لضمان التغذية السليمة للأطفال فى مراحل التعليم المُختلفة، وذلك لدورها الأساسى فى تزويد التلاميذ بالسعرات الحرارية لتعويض ما يبذلونه من جهد، وتنمية قدراتهم الذهنية والبدنية، حيث أثبتت الدراسات والأبحاث أن سوء التغذية يُقلل من مُعدلات الاستيعاب لدى التلاميذ بنسبة %30.

وأكدت دراسة أصدرها مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء فى مايو 2014، من خلال استطلاع للرأى أجرته وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، من خلال 750 تلميذا من تلاميذ المرحلة الإبتدائية بالصفوف الدراسية المُختلفة فى ثلاث مناطق بالقاهرة «المرج، والسيدة زينب، ومصر القديمة»، أن %80.2 من التلاميذ يتناولون الإفطار بشكل غير مُنتظم، وأن ما يفوق ثلثى التلاميذ أى %69.6 يتناولون الوجبة المدرسية بانتظام، و%14.7 من التلاميذ يتناولونها أحيانا.

حدد التلاميذ عددا من الأسباب وراء عدم تناولهم الوجبة، وهى عدم مُلاءمة توقيت توزيع الوجبة وكان ذلك بما يوازى %50 منهم، و%27 منهم لعدم استساغتهم طعم الوجبة، فيما ما يقرب من %23 يعطون الوجبة ذويهم، أما فيما يتعلق بالتلاميذ الذين يتناولونها فإن %96.1 منهم تلقى الوجبة استحسانهم، وأقل من %5 من التلاميذ يتناولون الوجبة مضطرين لشعورهم بالجوع أو لعدم توفر النقود لديهم لشراء نوع آخر من الطعام، بالإضافة إلى أن %66.5 من التلاميذ يُفضلون الفطائر المحشوة بالعجوة، فى حين أن %22.8 يفضلونها بالمربى، وما يفوق ثلث التلاميذ أى %38.8 يتناولون الوجبة بعد انتهاء اليوم الدراسى، و%30.4 يتناولونها أثناء استراحة اليوم الدراسى، فى حين أن %10.3 يتناولونها صباحا.

أما فيما يتعلق بالمعوقات التى تواجه تنفيذ برنامج التغذية المدرسية لأهدافها المرجوة، فهو افتقار وجود إطار تشريعى وتنظيمى لتلك العملية، حيث ما يتوفر فى هذا الصدد هو مجموعة من القرارات الجمهورية الخاصة بالتعاون بين الوزارة وبرنامج الأغذية العالمية، والعجز عن تغطية العام الدراسى كاملا بعدد كاف من الوجبات، بجانب وجود بعض القصور الإدارى الذى يعترى منظومة التغذية المدرسية لوزارة المالية بشأن توفير المُخصصات المالية لكل مُحافظة بإرسال الاحتياجات المادية الخاصة بالتغذية، وعدم بدء تنفيذ التغذية المدرسية فى نفس التوقيت فى المُحافظات المختلفة، ناهيك عن محدودية التمويل، خاصة أن النسبة الأكبر من التمويل تقع على عاتق الحكومة، وعدم وجود آلية واضحة لتطبيق معايير سلامة الغذاء فى مُختلف مراحل عملية التغذية المدرسية منذ بداية التصنيع وحتى توزيعها على الطلاب.

وتعتمد وجبات التغذية المدرسية فى الأساس على 4 أنواع من الوجبات «بسكویت وعلبة لبن حجم 200 ملى، أو الفطیرة المدرسیة، والوجبة الجافة والتى تحتوى على قطعة جبنة ومكعب مربى وثمرة فاكهة ورغیف»، وطبقا لما أكده الدكتور محمود أبوالنصر، وزير التربية والتعليم، فإن الفئة المستهدفة لبرنامج التغذية المدرسية هم طلاب جميع الصفوف الدراسية، والذين وصلت أعدادهم إلى ما يقرب من 16 مليونا ونصف المليون طالب بالمدارس الحكومية والتجريبية، ومن المتوقع أن يستفيد فعليا من الوجبة العام الدراسى الجديد 2015/2014 ما يقرب من 16 مليون طالب، وذلك طبقا للخطة العامة التى وضعتها الوزارة للتغذية المدرسية. ووصلت الميزانية المُخصصة للتغذية المدرسية إلى حوالى مليار و400 ألف جنيه منها 800 مليون جنيه من الدولة، وما يقرب من 60 مليون يورو منحة خارجية، سعر وجبة البسكويت وزن 80 جراما يكلف من 46 إلى 50 قرشا، وبالنسبة للوجبة الجافة فإنها تكلف من 3 لـ4 جنيهات، وعلبة اللبن وزن 200 ملى تكلف ما يقرب من 128 قرشا.

وأكد الوزير أنها تخضع لثلاث مراحل من الفحص والتحليل، مرة أثناء تصنيعها، وأخرى قبل خروجها من المصنع إلى المورد، بالإضافة إلى مرة ثالثة أثناء خروجها من مخزن المورد إلى مخزن المدرسة، على ألا يتم تخزين الوجبة أكثر من أسبوعين داخل المخازن وأسبوع بالمدرسة، حرصا على عدم تعرضها لأى أضرار جانبية من شأنها التأثير على صلاحية الوجبة.

وعبر أولياء الأمور عن عدم ثقتهم بجودة الوجبات التى يتم تقديمها لأبنائهم، مُطالبين الوزارة باستثمار تلك الأموال فى بناء مدارس جديدة تستوعب الزيادات الكبيرة للطلاب، يقول عبدالستار محمد، أحد أولياء الأمور، إن على وزارة التربية والتعليم توفير هذا المبلغ الكبير لأنه لا يشعر بوجود عائد إيجابى منه على صحة الأطفال، بالإضافة إلى عدم الالتزام بالمعايير القياسية للحفاظ على سلامة الأطعمة، وتكون النتيجة «سموماً» يتم تقديمها للأطفال، مُشيرا إلى أنه أكد على أبنائه أن يرفضوا استلام تلك الوجبات، وأن يلقوها بسلة المُهملات، لافتا إلى أن كل ما يحتاجه التعليم هو تحديث للمناهج وتأهيل وتدريب المُعلمين.

وأضاف «يحيى. ع»، مدير أحد المدارس، أن المبالغ المالية التى يتم صرفها على التغذية تُعد إهدارا للمال العام، نظرا لأنها لا تحقق الهدف منها، حيث إن نسبة كبيرة مهدرة فى غير الهدف المرجو منها، بل يتم توزيعها فى العديد من عمليات السمسرة والعمولات من عدة أطراف حتى تصل ليد التلميذ، كاشفا أن البسكويت المُقدم للطلاب كوجبة تغذية سئ لدرجة أنهم يلعبون به ويقذفون به بعضهم البعض لعدم استساغتهم طعمه، وطالب وزارة التربية والتعليم بصرف النظر عن التغذية فى المدارس والبحث عن أمور أخرى تخدم التلميذ على أرض الواقع.

وطبقا لتقارير برنامج الأغذية العالمى لعام 2013 فإن عدد التلاميذ الذين يتم تغذيتهم بشكل يومى قُدروا بـنحو 368 مليون تلميذ فى 169 دولة حول العالم باستثمارات سنوية تصل إلى 75 مليار دولار أمريكى، بما يؤكد على الاعتراف الدولى بأهمية التغذية المدرسية بما فى ذلك دول كُبرى، وتختلف جودة وتغطية برامج التغذية المدرسية باختلاف مستوى الدخل القومى لكل دولة.

ووفقا للتقرير نفسه، فإن 66 مليون تلميذ حول العالم يُعانى من الجوع، منهم 23 مليونا فى أفريقيا وحدها، والهند 114 مليون تلميذ، والبرازيل 47 مليون تلميذ، والولايات المُتحدة الأمريكية 45 مليون طالب، والصين 26 مليون تلميذ.

وبدأ برنامج التغذية المدرسية فى جنوب أفريقيا بقيادة نيلسون مانديلا فى عام 1994م، كجزء من استراتيجية الحكومة، لتحسين الحالة الصحية لطلاب المرحلة الابتدائية من 7 إلى 10 سنوات، من خلال وجبة خفيفة فى الصباح، إلا أنه فى عام 2004 انتقلت مسؤولية برنامج التغذية المدرسية من وزارة الصحة إلى قطاع التعليم، وتم ضم المدارس الثانوية فى عام 2008 للبرنامج، ويوفر البرنامج حوالى %30 من احتياجات الطالب التغذية حيث تضم: «البروتينات النباتية والحيوانية، والنشويات، والخضراوات».

أما التمويل، فيتم من خلال برنامج حكومى مركزى ودفع مبالغ مشروطة ربع سنوية للمحافظات، وخلال العام المالى 2013/2012 تم تقديم التغذية لما يزيد على 9 ملايين طالب، بتكلُفة 4906 مليارات راند، بمُعدل 64 دولارا فى العام لكل طالب.

وفى البرازيل، بدأ برنامج تغذية الأطفال فى عام 1950م، من خلال حملة قومية فى بعض المدارس ثم تطورت من خلال التعاون مع منظمة الأمم المُتحدة للطفولة «اليونيسيف» لتزويد الأطفال فى رياض الأطفال بالألبان المُجففة، ثم أُطلقت حملة قومية من خلال وزارة التعليم وفروعها فى الأقاليم، واستمرت حتى أُنشئت لجنة تغذية مدرسية داخل كل منطقة، وتتنوع الوجبات باختلاف الولاية لتتضمن: «الأرز والمكرونة، والألبان ومنتجاتها، البقول، اللحوم البيضاء والأسماك والخضروات والفواكه، أما الميزانية فهى بما يُعادل 1.8 مليار دولار أمريكى ويُخصص %30 منها للشراء من صغار المُزارعين، ومع توسع البرنامج أصبح يُغطى حوالى 37 مليون مُستفيد فى 189 ألف مدرسة بمُعدل 200 يوم فى السنة.

وفى دولة اليمن، يقدم المشروع التغذية للفتيات للتقليل من مُعدلات التسرب بينهم والإقبال على التعليم، وتشجيع أولياء أمورهم على إلحاقهن بالتعليم، وتضم الوجبات مكونات جافة من القمح والزيت، ومن خلال مسوحات ميدانية تم تحديد 17 مُحافظة و85 مديرية تعليمية فقيرة، ويتم التوزيع من خلال لجان ميدانية تُوزع المواد كل ثلاثة أشهر على الطالبات، بحيث يُصبح نصيب كل فتاة كيس قمح، وجالون زيت، ووصلت أعداد الطالبات المُستفيدات من المشروع نحو 69 ألفا و351 طالبة.

وفى الولايات المُتحدة الأمريكية، تتولى الإدارة الزراعية بالدولة مهام توفير وجبة غذائية لـ7 ملايين طالب يوميا، وبدأ المشروع فى عام 1966م تحت إدارة الكونجرس واستمر حتى 1975، ثم ازدادت أعداد المدارس المُشاركة بالمشروع، ويتم تقديم تعويضات مالية مُقابل تلك الوجبات للمدارس، حيث يقدم البرنامج حوالى 1.23 دولار كبدل لوجبة الإفطار المُقدمة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة