مثقفون غربيون يرفضون قرار ترامب بشأن القدس: وداعا لعملية السلام

السبت، 09 ديسمبر 2017 04:59 م
مثقفون غربيون يرفضون قرار ترامب بشأن القدس: وداعا لعملية السلام ترامب ومجلس الأمن
أ ش أ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حالة من التشاؤم بين المثقفين الغربيين جراء تصاعد اليمين المتطرف وتزايد خشونة السرد السياسى الشعبوى، فالرأى العام الثقافى فى الغرب يرفض ويعارض فى أغلبه قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
 
ونظرة للصحافة الثقافية الغربية والمنابر والوسائط الثقافية المهمة فى الغرب تظهر فور وجود اتفاق عام بين المثقفين على خطورة هذا القرار وتداعياته مع التأكيد أنه بمقتضى مبادئ القانون الدولى وقرارات الشرعية الدولية ممثلة فى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة لا يجوز إجراء أى تغيير فى القدس الشرقية باعتبارها تحت الاحتلال.
 
واعتبرت مثقفة أمريكية بارزة مثل الكاتبة والباحثة روبين رايت فى طرح بمجلة "نيويوركر" ذات المضمون الثقافى الرفيع المستوى أن "الخطوة التى أقدم عليها ترامب مؤخرا إنما تخرب ما يتبناه من أفكار بشأن عملية السلام فى الشرق الأوسط".
 
وأضافت "رايت" وهى صاحبة عدة كتب عن منطقة الشرق الأوسط وقضايا العالم الإسلامى أن ترامب بإعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل واعتزامه نقل السفارة الأمريكية للمدينة "خرج على كل ما التزمت به الإدارات الأمريكية المتعاقبة سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين على مدى نحو 70 عاما".
 
وبذلك يشكل قرار ترامب خروجا سافرا على قواعد استقرت فى الثقافة السياسية الأمريكية بقدر ما ضرب عرض الحائط بنداءات وجهتها شخصيات تنتمى للديانات السماوية الثلاث لعدم الإقدام على هذه الخطوة ومن بينها –كما توضح روبين رايت- مجموعات أمريكية يهودية.
 
وفى تناولها الذكى لهذا القرار ، قالت رايت إنه كان بوسع ترامب أن يفعل ما هو أفضل بكثير لو اقترح مثلا كحافز لاتفاق سلام إسرائيلى - فلسطينى "نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب للقدس الغربية وافتتاح سفارة أمريكية جديدة بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المستقلة وبذلك يكون قد قدم جائزة أمريكية ترضى الطرفين معا لكنه اختار بدلا من ذلك توجيه ضربة للسلام والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط".
 
وبمداد متشائم خلصت هذه المثقفة الأمريكية إلى أن "آفاق السلام فى الشرق الأوسط باتت أبعد عما كان عليه الحال قبل نحو عشرة أشهر عندما دخل دونالد ترامب البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة".
 
وقد يبلغ التشاؤم مبلغه مع ما كتبه الروائى الأمريكى الكبير جوناثان فرانزن فى معرض تقييمه لدونالد ترامب كرئيس للولايات المتحدة بعد نحو عام واحد من انتخابه حيث رأى أن "الوقت بات متأخرا جدا لإنقاذ العالم".
 
وبشدة انتقد صاحب روايات شهيرة فى الأدب الأمريكى والعالمى مثل "التصحيحات" و"حرية" و"نقاء"، مواقف دونالد ترامب حيال قضايا تهدد الكوكب الأرضى مثل تغير المناخ والاحتباس الحرارى فيما يحظى ما يكتبه جوناثان فرانزن بإشادة المعلقين فى الصحافة الثقافية الغربية معتبرين أنه "يعبر عن دور المثقف فى أوقات الأزمات والشدائد".
 
ولئن كانت مثقفة فلسطينية بارزة هى الدكتورة حنان عشراوى عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية قد رأت أيضا فى طرح بصحيفة "نيويورك تايمز" أن الرئيس الأمريكى يرتكب خطأ كبيرا فى حق القدس ويخرج على ما درجت عليه سياسات الولايات المتحدة واستقرت عليه لقرابة الـ 70 عاما حيال هذه المدينة بكل رمزيتها، فإن هناك من المثقفين فى الغرب من يحاول تفسير مثل هذا الخروج فى كتب جديدة.
 
وفى كتاب جديد صدر بالإنجليزية بعنوان "أمريكا البديلة: صعود اليمين المتطرف فى عصر ترامب"، يعيد المؤلف ديفيد نيويرت للأذهان أن أحد أسباب فوز دونالد ترامب فى الانتخابات الرئاسية التى جعلت منه "الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة"، يتمثل فى تأييد ما يعرف "بالتيار المسيحى الصهيونى المنتمى لأمريكا البيضاء"، وهو تيار يتبنى رؤى عقائدية داعمة بشدة لتهويد القدس كعاصمة لإسرائيل التوراتية، غير أنه يلقى معارضة من جانب المثقفين الليبراليين الأمريكيين ومن بينهم من ينتمى لعائلات يهودية.
 
كما يوضح الكاتب ديفيد نيويرت أن اليمين العنصرى المتطرف والذى تنامى فى الولايات المتحدة منذ بدايات العقد الأخير للقرن العشرين يشكل قاعدة داعمة لدونالد ترامب كما شكل قاعدة انتخابية له حسمت فوزه فى الانتخابات الرئاسية رغم أن الحزب الجمهورى ذاته كان مترددا فى ترشيحه فى تلك الانتخابات التى أجريت يوم الثامن من نوفمبر فى العام الماضى.
 
ويأتى قرار ترامب بشأن القدس ليثير المزيد من المخاوف القائمة أصلا لدى قطاع عريض من المثقفين فى الغرب ومن بينهم مؤلف هذا الكتاب ديفيد نيويرت جراء توجهات القوى التى تقف خلف إدارة دونالد ترامب وتبنى دعاوى عنصرية فجة لاحياء أسطورة تفوق العرق الأبيض وخطاب الكراهية حيال "أمريكا السوداء ناهيك عن المهاجرين المكسيكيين ووصم الثقافة المكسيكية بأنها منحرفة فضلا عن القادمين من العالمين العربى والإسلامى".
 
وحتى لو لم يكن دونالد ترامب ذاته يؤمن بكثير من هذه الدعاوى ذات الطابع العنصرى الفج، فالإشكالية تكمن فى احتياجه سياسيا لدعم القوى والتيارات التى تتبنى مثل هذه الدعاوى وبعضها تروج لما يعرف "بالإسلاموفوبيا" أو بث مشاعر الخوف والكراهية والتحامل على المسلمين، فيما يرى ديفيد نيويرت أن جوهر ظاهرة اليمين الشعبوى المتطرف "ثقافى أكثر مما يعود لأسباب اقتصادية".
 
ومن المثقفين الرافضين  أيضا لقرار ترامب الكاتب والفنان الكوميدى الأمريكى ستيفن كولبيرت الذى سخر من قرار ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل بقدر ما حذر بجدية من خطورة تبعات وعواقب هذا القرار على مفاوضات السلام لحل النزاع الإسرائيلى-الفلسطينى واستعادة السلم والاستقرار فى منطقة الشرق الأوسط، بينما اعتبر زميله الكاتب والممثل الساخر القادم من جنوب أفريقيا تريفور نواه أن تنظيما إرهابيا مثل داعش هو المستفيد من هذا القرار.
 
أما الطريف حقا فهو ما ذكره الكاتب والممثل الأمريكى الكوميدى أندى بورويتز فى مجلة "نيويوركر" تعليقا على قرار ترامب بشأن القدس وهو أن "أغلب الأمريكيين يؤيدون انتقال دونالد ترامب نفسه للقدس بعيدا عنهم بينما لا تمانع نسبة أقل فى انتقاله إلى بلدان مثل روسيا أو الفلبين أو حتى القطب الجنوبى".









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة