محمد حبوشه

السيسي ينصف الفلاح الذي أفقرته السياسات الجائرة

الجمعة، 09 سبتمبر 2022 08:52 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

إلى وقت قريب جدا كان يعد فقراء الريف من ضمن الفئات المنسية عن قصد، فلا يشملهم الخطاب الرسمي، ولا الخطاب الإعلامى التابع للسلطة، ومازالت الاهتمامات السياسية والأكاديمية بالريف محدودة، وتتجاهلها، فهى تنصب على المدن، بوصفها فاعلا سياسيا قويا، قياسا بالريف الذى تنخفض فيه معدلات المشاركة السياسية، وكذلك ينطلق التناول الرسمى والإعلامى لمشكلات الفقر من المدن وينتهى إليها، فيهمش الريفيين والفلاحين من مساحات النقاش داخل المجال العام.

والغريب أن هذا يأتى على الرغم من أن كثيرين من النخب السياسية والاقتصادية والثقافية هم من أبناء الريف، إلا أنهم حين يهجرون مناطقهم الريفية غالبا ما يهجرون الحديث عنها، كأنهم يهربون من معاناة عايشوها، بدلا من تناولها ومحاولة تغيرها، وهكذا يقذف الجميع مشكلات الريف والفلاحين، وكأنها كرات لهب ستحرقهم، وفى هذه الحالة يتمدد الإهمال والتهميش المقصود للريف على خارطة لها أبعاد طبقية وجغرافية ومعرفية، إلى أن جاء "المشروع القومى لتطوير وتنمية القرى المصرية" الذى يأتى ضمن مبادرة "حياة كريمة" التى أطلقها الرئيس عبد الفتاح السيسي، فى 2 يناير عام 2019 لتحسين مستوى الحياة للفئات المجتمعية الأكثر احتياجا على مستوى الدولة، ليشكل بادرة أمل جديدة فى غد أكثر إشراقا فى ريف مصر.

واليوم ونحن نحتفل بالذكرى الـ 70 لعيد الفلاح المصري لابد لنا نحن الفلاحين أن نزهو بما تحقق من للفلاح المصري فبعد مرور 8 سنوات على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر، انتعش فيها قطاع الزراعة وشهد طفرة كبيرة من الإنجازات بفضل الجهد والعمل الشاق على مدار السنوات الماضية، ولعل أبرز ما يتوج به تلك الجهود، هو ما تم إنجازه من مشروعات قومية في مجال الزراعة التي لم تتوقف عن توفير مقومات العملية الزراعية، ولكن طال الاهتمام أيضا التسهيلات والخدمات التي قدمتها الدولة للفلاحين قطاع الزراعة بأكمله، إيمانا من القيادة السياسية بأن القطاع الزراعي هو الجزء الرئيس في الأمن الغذائي القومي المصري.

وشهد القطاع الزراعى العديد من الإنجازات التى تحققت خلال الـ 8 سنوات الماضية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي، وما يوليه من أهمية كبيرة لهذا القطاع، فقد حقق العديد من الطفرات الإنتاجية سواء في الإنتاج الزراعي أو الحيواني، والحقائق الثابتة تؤكد أن السيسي أنصف الفلاح الذي أفقرته السياسات الجائرة، فمصر تنفق مئات المليارات سنويا على القطاع الزراعي، لأنه جزء رئيس في أمنها القومي، وفي هذا الصدد كلف الرئيس السيسي بإنشاء المشروعات القومية العملاقة التى تخدم القطاع الزراعي، ولعل أبرز المشروعات القومية التى لمس عوائدها الشعب المصري هو مشروع استصلاح الـ 1.5 مليون فدان، بجانب مشروع الـ 100 ألف فدان من الصوب الزراعية، والتى يعادل إنتاجها مليون فدان لأنه توسع رأسى، وهو ما جعل مصر الدولة الأولى إفريقيا في الزراعات المحمية على مستوى أفريقيا والشرق الأوسط، والثانية على مستوى العالم.

إن حالة الزراعة قبل تولي الرئيس السيسي كان مثلها مثل قطاعات الدولة المختلفة كانت وصلت لمرحلة الانهيار، بسبب تمدد البناء العشوائي ملتهما مساحات هائلة من الرقعة الزراعية متسببا في مناطق عشوائية تؤثر سلبيا  على مساحات زراعية كبيرة  حولها، كما أن المشتغلين بالقطاع الزراعي كانوا يعانون من نقص السولار، وانقطاع الكهرباء المتكرر والذي أدى إلى شلل في معظم الخدمات الزراعية، كما وحظرت الكثير من الدول استيراد المنتجات الزراعية المصرية وارتفعت الأسعار محليا، ولكن فور تولي الرئيس السيسي مقاليد الحكم دبت الحياة في القطاع الزراعي من جديد، وتوفرت الخدمات والمستلزمات الرئيسية لإتمام العمليات الزراعية المختلفة ، وتحركت مصر علي كل المحاور حتى وصلنا بعد مرور 8 سنوات فقط إلى الاكتفاء الذاتي بنسبة 100% من كافة الخضروات والفواكه وتحقيق فائض تمثل في تصدير نحو 5.2 مليون طن من الخضروات سنويا.

مصر حاليا تسعى لإستصلاح وزراعة 2.5 مليون فدان في إطار مشروع "مستقبل مصر والدلتا الجديدة"، بالتزامن مع إزالة التعديات على أراضي الدولة وتقنين الأراضي لواضعي اليد، وتمكنت مصر بالفعل من إيقاف نزيف التعدي على الأراضي الزراعية وزيادة مساحتها بنسبة 20% خلال الـ 8 سنوات الماضية، كما اتجهت الدولة للتوسع الأفقي لزيادة الإنتاج والحد من الفاقد من خلال المشاريع التالية: المشروع القومي الكبير لإنشاء الصوامع والغلال، المشروع القومي لـ تبطين الترع، المشروع القومي للصرف الزراعي المغطي والري الحقلي، المشروع القومي لإنتاج التقاوي، تعميم التلقيح الصناعي في المواشي، إنشاء وتطوير عدد من القناطر مثل تطوير قناطر أسيوط، تطوير مصنع الأسمدة بكوم امبو، إنشاء مجمع الأسمدة في العين السخنة.

ظني إن مشروع تطوير الريف المصري لتحويل حياة الفلاحين إلى حياة آدمية كريمة هو أعظم مشروع تبناه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي لتحسين أحوال معيشة الفلاحين ونقل الريف المصري من قاع المجتمعات إلى أعلى قمم التطوير ليكون ذلك نقلة هائلة لحياة الشعب المصري وتحقيق العدالة الاجتماعية في أبهى صورها وتكريم حقيقي لأعمدة الإنتاج الزراعي من الفلاحين، لهذا يولي الرئيس عناية خاصة بالتدخل العاجل لتحسين جودة الحياة لمواطنى الريف المصرى من خلال تطوير 4584 قرية يمثلون نسبة 58% من إجمالى سكان الجمهورية بتكلفة تقديرية 515 مليار جنيه، ووفقا لموقع رئاسة الجمهورية، يسعى المشروع لتقديم حزمة متكاملة من الخدمات تشمل خدمات المرافق والبنية الأساسية (الطرق والنقل - الصرف الصحى ومياه الشرب - الكهرباء والإنارة العامة - الغاز الطبيعى - تطوير الوحدات المحلية - الشباب والرياضة - الخدمات الصحية والتعليمية).

وعلى مستوى التنمية الاقتصادية فإن المشروع معنى بتوفير فرص عمل (إنشاء مجمعات صناعية - تأهيل مهنى - توفير مشروعات ذات عائد اقتصادى - تشغيل أهل القرية لبناء بيوتهم - تدوير مخلفات - تنمية زراعية وسمكية)، وعن طريق التدخلات الاجتماعية يهدف المشروع إلى توفير سكن كريم (محو أمية وتعليم - سكن كريم - حملات توعية وثقافية ورياضية وتأهيل نفسى واجتماعى - تجهيز عرائس وسداد ديون)، ومن خلال متابعتى كفلاح عاش وتربى في كنف الريف المصري، فقد لمست عن قرب أن العمل على تحسين حياة الفلاح المصري يجرى على قدم وثاق لخدمة أهالينا فى المناطق الريفية الأكثر تضررا.

وقد استهدفت المرحلة الأولى من المشروع تنمية القرى الأكثر احتياجا بإجمالى 375 تجمعا ريفيا، يشتملون على 5.4 مليون مستفيد بإجمالى استثمارات 13.5 مليار جنيه لتنفيذ 2180 مشروعا، تم الانتهاء من 600 مشروع منها، وجارى تنفيذ 1580 مشروعًا، وتستهدف المرحلة الثانية من المشروع تنمية كافة المراكز الريفية بإجمالى 4209 قرية، بالإضافة إلى 30900 (تابع - عزبة - نجع)، ويجدر بالذكر هنا أنه يتم تنفيذ المشروع بإجمالى استثمارات 500 مليار جنيه، ويستفيد منه أكثر من 55 مليون مستفيد.

من أهم مزايا مشروع تطوير القرية المصرية، أنه سيسهم فى توفير عشرات الآلاف من فرص العمل، فضلا عن دوره فى تعميق وتوطين الصناعة المحلية، وهو مايظهر أن الدولة حريصة فى هذه اللحظة الحاسة فى تاريخ مصر على استمرار دعم ومساندة قطاع الصناعة فى مختلف المجالات، وهو ما أكد عليه الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث أشار إلى أن التوسع ودعم الصناعة الوطنية، يعد واحدا من أهم أهداف مشروع تطوير القرى المصرية، مجددا التأكيد فى هذا الصدد على أن تنفيذ هذا المشروع سيعتمد فى مدخلاته ومتطلباته على الصناعة الوطنية، ولأول مرة فى التاريخ المصرى الحديث ستجد كل قرية نصيبا عادلا من الخدمات المتنوعة فى البنية الأساسية والخدمات العامة ، وأيضا نصيبا عادلاً فى المشروعات الاقتصادية ليتحسن دخل أبناء القرى ويجدوا فرصا للعمل الشريف المنتج، فضلا عن مشاركتهم الفعلية فى التفكير وترتيب أولويات المشروعات والخدمات التى تحسن أحوال مواطنى القرى .

لكن أبرز أهداف هذا المشروع العملاق هو إعادة بناء الإنسان المصرى فى الريف كغيره من أقرانه من أهل الحضر، وذلك ضمن مستهدفات "رؤية مصر 2030"، التى تتضمن الارتقاء بجودة حياة المواطنين المصريين، ليكون هناك عدالة فى توفير الموارد واندماج بين الريف والحضر، فدائما كان الريف يعانى من العديد من المشاكل، بالإضافة إلى العمل على إيجاد اقتصاد تنافسى ومتنوع قائم على المنافسة والتنوع والتحول الرقمي، وأن تحقق مصر بحلول عام 2030 مكانة كبيرة بين أكبر 30 دولة حول العالم، وتكون حياتنا قائمة على المعرفة والابتكار والبحث العلمى كركائز أساسية للتنمية، وتطبيق مبادئ الحوكمة لمؤسسات الدولة المصرية والقطاع الإداري، ومن ثم جاءت توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بتنفيذ (مشروع تطوير قرى الريف المصرى) والذى يهدف إلى تغيير شامل ومتكامل التفاصيل، وبالتناغم بين كافة الأجهزة الحكومية المعنية لتطوير الريف المصري.

لقد أدرك الرئيس السيسى بحسه الإنسانى وإنطلاقا من قناعته الشديدة أنه لابد أن توفر العدالة الاجتماعية بين كل المصريين دون تمييز، وأن مشكلات الريف الاقتصادية والاجتماعية لاتنفصل عن الأزمة الاقتصادية العامة، لكنها وبحكم ارتباطها بنمط الإنتاج الزراعي تتفاقم كلما تراجع نشاط هذا القطاع والذى تعتمد عليه المناطق الريفية فى توفير فرص العمل والمحاصيل الغذائية، وبهذا التغيير الكارثى تزداد الهوة بين الريف والحضر، وتتسع معدلات الفقر، وينعكس ذلك على نمط الاستهلاك الذى يتسع فيه الإنفاق على الغذاء فى مقابل باقى البنود، وربما يرجع ذلك إلى أنه تتعدد أشكال الفقر وأنماطه فى الريف المصري، فإلى جانب الفقر النقدى المرتبط بمعدلات دخول العاملين فى قطاع الزراعة، هناك فقر الخدمات وتدنى مستوياتها، وهنا يبرز فقر الريف، بوصفه فقرا كليا ويشكل معاناة متعدّدة الأوجه.

يبدو لي أن اهتمام الرئيس السيسي بالريف المصري يأتي إنطلاقا من إدراك عميق بقيمة الفلاح المصري، وبحس إيماني كامل ، بأن الودعاء الطيبون من أهلنا سيرثون تلك الأرض في نهاية المدى، وباعتبارهم صناع أعظم حضارة على ضفاف النيل العظيم، لذا صدق على عام 2019 على إنشاء "نقابة موحدة للفلاحين"، بالإضافة إلى صندوق تكافل زراعي يحمي الفلاحين من الكوارث الطبيعية ويعوضهم في حالة الخسارة، والتأمين الصحى على الفلاح وأسرته والزراعة التعاقدية، والتكافل الزراعى وقانون الصيد، ورفع الظلم عن  المعتثرين من الفلاحين ببنك التنمية والائتمان الزراعي، وهذا هو أكبر دليل على أن الفلاح يتربع في قلب القياده السياسية.

واختتم بتذكر صفحة من الماضي الجميل في حياة الفلاحين: يالها من أيام خوالي حين كان القطن المصري في رحلة إنضاجه يدهش عيوننا وعيون الدنيا من حولنا مرتين: مرة عندما عندما يذهر النوار الأصفر مبشرا بصحة المحصول، متمايلا مع نسائم العصاري في دعة وتيه، مشنفا أنوفنا برائحة الخير الوفير، ومرة أخرى عندما يميل لونه إلى الاحمرار إيذانا بقرب موسم الجني في رحلة تحول ركامه من الحطب البني القاتم مع تفتح اللوز متحولا إلى البني القاتم، تعلوه سحابات القطن الأبيض الناصع لتحيل الغيطان إلى بساط حاني، تطرب له الفتيات بقوالب من الفلكلورالعذب، على إيقاع غير مضطرب، غير مباليات بخربشات الحطب الناشف، ولا تلقي وجناتهن الحمر بالا بحرارة الشمس المصلوبة على أعناقهن طوال النار، في لحظات فرح قطف الثمر، فقد كان مصدر سعادتهن، وسترهن من صلف الظروف ونوائب الأيام.

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة