هيثم الحاج على

مسار العائلة المقدسة وبناء الهوية المصرية

الخميس، 06 يونيو 2024 02:28 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

احتفلت مصر منذ أيام بذكرى رحلة العائلة المقدسة إلى مصر والتي بلغ طولها ثلاثة آلاف وخمسمائة كيلومتر تقريبا طافت خلالها العائلة المقدسة ربوع مصر مرت فيها العائلة المقدسة من سيناء إلى بورسعيد إلى شمال الدلتا ووادي النطرون والمطرية ثم عبرت النيل عند مكان المعادي الحالي حيث استكملت رحلتها إلى الصعيد خاصة عند دير المحرق.


رحلة استمرت داخل الأراضي المصرية حوالي ثلاث سنوات ونصف قامت فيها العائلة المقدسة بمباركة الأهالي وأماكن العبادة من كنائس وأديرة كانت معبرة عن المحبة الكبيرة التي وجدت في مصر، لكنها من ناحية أخرى وخارج حدود الأماكن والجغرافيا كان لهذه الرحلة على وجه التحديد أثر كبير في حياة المصريين بعدها، بما لها من دلالات قوية على اعتبار مصر الدائم بلدا للأمان والسلام، حين تحركت العائلة المقدسة بحرية ووسط جو من المحبة إلى أن أتاها أمر الرجوع.


على مسار الرحلة يوجد أكثر من خمس وعشرين موقعا أثريا باقيا حتى الآن، يمثلون مشروع تطوير مسار العائلة المقدسة، وهو مشروع قومي يستهدف وضع مسار هذه الرحلة على خريطة السياحة الدينية العالمية، وهو ما يعد واحدا من أهم المشروعات القومية التي يمكنها أن تضاعف من النشاط السياحي المصري.
وإذا كانت مصر قد سجلت الاحتفالات المصاحبة لهذه الرحلة ضمن التراث الثقافي غير المادي في ديسمبر 2022 بعد سنوات طويلة من العمل على الملف فإن أثر هذا التسجيل لم يظهر حتى الآن على الأرض، فتسجيل العناصر التراثية يستلزم دعم ممارستها وتوسيعه داخل المجتمع، وهو أمر يستلزم نشاطا مجتمعيا وثقافيا في المجتمع كله.


إن الفائدة الأهم لممارسة هذه العناصر هو دعم الهوية والوعي الوطني بعناصر تراثه، ذلك الدعم الذي يرسخ الثقة المجتمعية بالشخصية المصرية وهو أمر نحتاج الآن قبل غدا إلى غرسه في نفوس أطفالنا، فلتكن تلك مناسبة لكي ننشئ برامج احتفالية تفاعلية يشارك فيها أطفالنا المصريون – وليس فقط المسيحيون – من أجل التعرف على الرحلة وأماكنها والأطعمة والأشربة والملابس التي استخدمتها العائبة المقدسة في رحلتها، ووسائل النقل التي استقلتها، وآبار المياه وأنواع الأشجار التي شربوا منها واستظلوا بظلها.


نحتاج قبل الاحتفالات أن يعرف أبناؤنا أن كل عناصر تلك الرحلة هي جزء من تاريخنا ووعينا، وأن كل ما حولها يمكن إعادة صياغة الحكايات المصرية حوله، وهو جزء أساسي من تسويق مصر سياحيا ليس فقط بالزيارة ولكن بإمكانية تصنيع وتصدير بعض تلك العناصر إلى الخارج.
تستطيع رحلة العائلة المقدسة أن تكون موردا مهما ضمن موارد السياحة الدينية، غير أن الوعي الداخلي بها يبقى ضمانا مهما لهذا الاعتبار بالإضافة إلى كونه مرتكزا مهما من مرتكزات الشخصية المصرية ووعيها بهويتها وثقتها في ما لديها.










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة